يوم النزوح المؤلم

60

خرجت من مدينتي زنجبار صبيحة اليوم الخامس لدخول التتار إليها وكان خروجي كما غيري بغير إرادة مني، فاتجهت صوب مدينة عدن التي تبعد عن مدينتي بـ 50 كيلو متر إلى الغرب .. وكنت مع أسرتي نسير في الطريق ويسيطر علينا صمت القبور لأن لغة الكلام باتت عاجزة عن التعبير عن حالنا وما آلت إليه أوضاعنا .. ولأنني كنت تحت تأثير الصدمة مما حدث لنا فقد كنت تأئهًا شارد الذهن وكأنني أسير على غير هدى.. ولا أدري كم استغرقت رحلتي من الوقت حتى وجدت نفسي في منطقة البساتين بمديرية دار سعد محافظة عدن وهي المنطقة التي خصصت لاستقبال الصومال النازحين من بلدهم بسبب الحروب.

ومن غرائب الصدف أنني وجدت بعض الصوماليين الذين نزحوا من بلادهم إلى أبين فيما مضى.. فاستقبلوني باهتمام كبيرًا ردًا للجميل كما قالوا ومرد ذلك أننا أكرمناهم في أبين حين وصلوا إليها نازحين عبر البحر وقد كانوا يعانون الإعياء شدة الجهد والجوع..شعرت حينها بالغصة الدامغة تكاد تختنقني وتلهب مرارتي ألمًا حين وجدت نفسي دون سابق إنذار (نازحًا) ولكن في وطني.. ولك أن تتخيل عزيزي القارئ حجم الألم لهذا الموقف وثقل أهرامات الحزن الجاثمة على صدر رجل كان صاحب فضل على الناس بما قدره الله تعالى ليصبح فجأة مفضولاً بلا سابق مقدمات..

أييه يا وطني كم فيك من المظالم والآلام!! وكم تحمل أبناءك من صنوف القهر والظلم!! ويبقى السؤال حائرًا وسابحًا في فضاءات الحياة المليئة بالمتناقضات والاخفاقات.. وآهات المظلومين..أما لهذا الظلم من آخر؟!.

مقالات الكاتب