حصار السبعين يوم على غزة... هزيمة محتل وشموخ مقاومة
سعيد شيباني
( غزة..مقبرة الغزاة ) كتب/سعيد شيباني اليوم الموافق...
سألت عدداً من المواظبين في ميدان السبعين عن سبب واحد وجيه ومقنع يدعو للانضمام إلى جوقة المطالبين بعودة الرئيس الحاكم لليمن منذ ثلاثة عقود ونيف؟.. للأسف كل أصدقائي الذين تحدثت معهم وجدتهم مقتنعين بأن عهد صالح انتهى، فكل واحد منهم جل تفكيره منصب فيما بعد رحيل صالح وفي الفائدة من هكذا مشاركة في السبعين، فالمهم بالنسبة للكثير هو أنهم اعتادوا تأدية وظيفة لوجستية معنوية من هذا القبيل رغم يقينهم بأن عهد فخامته صار من الماضي وأنه يلفظ أنفاسه -وفق رأي أكثرهم حماسة.
أقول جميعهم لا خلاف معهم حول الرئيس ونظامه العائلي الذي ينبغي أن يسقط ويستبدل بنظام وطني، ولكن ليس وفق الطريقة الثورية التي يتحدث عنها حزب الإصلاح أو قناة الشيخ/ حميد أو المشترك أو كتلة الأحرار المنشقة من المؤتمر أو غيرها من الأصوات الثائرة المقلقة للكثير من هؤلاء المؤيدين اليوم لعودة الرئيس صالح إلى البلاد والسلطة.
حقيقة اندهشت حين سمعت مثل هذا الكلام، لا أدري هل الرئيس وأبناؤه وأقاربه وموالوه يعلمون بأن الخلاف لم يعد حول بقاء صالح من عدمه وإنما من الرئيس الذي يخلفه؟ فالبعض لديه توجسه وخوفه من حكم (المطاوعة) بينما البعض الآخر تجده يبرر موقفه إما كقيادي مؤتمري يخشى على حزبه وموقعه الوظيفي من الزوال إذا ما وصلت أحزاب المعارضة، وإما كشيخ وواجهة قبلية أو تجارية أو عسكرية أو نسويه أو غيرها من الفئات المجتمعية.
فهذه النوعية من اليمنيين هي في حقيقتها وجوهرها غير متحمسة لمناصرة الرئيس بقدر ما هي تدافع عن مصلحتها المحدودة التي ربما ستذهب بتبدل النظام القائم.. باختصار هذه الفئات في الأغلب لديها مبرراتها وحججها إزاء أسماء بعينها وفي طبيعة ما بعد الرئيس، أما أن يكون بقاء الرئيس لديهم كقناعة ومبدأ يستحق التضحية والعناء، فهذا ما لم ألمسه وأسمعه في أحاديث هؤلاء المؤيدين لمسألة التغيير، ولكن بما يكفل لهم النجاة والسلامة.
قد يكون اعتقادهم خاطئاً أو صحيحاً، فأغلب هؤلاء لم ينكروا مؤازرتهم ومساندتهم لثورة الشباب الموجودين في الساحات، لكنهم بالمقابل لديهم مخاوفهم من ساحات التغيير، خاصة بعد أن برزت للواجهة عديد من الشخصيات القبلية والعسكرية والدينية والتي -بحسب تعبيرهم- لطالما أفسدت وعبثت وشرعنت للنهب والفيد والقتل والإقصاء، فبدلاً من كونها جزءاً من نظام صالح الفاسد صارت الآن راكبة موجة الثورة، نافضة عن يديها أوزارها المقترفة، معلنة للملأ براءتها من كل ما حدث.
المهم في الأمر أن لكل من هؤلاء مخاوفه وتوجساته، فماهية القادم تكاد سمة مشتركة تغلب على حديث الجميع.. السؤال هو: هل يعلم الرئيس صالح أنه بات غير مقبول ومستساغ حتى من حشوده الموالية له ظاهراً وباطناً هي مع التغيير؟.
الانتهازيون ما أكثرهم في هذا البلد! لا تستغربوا إذا ما رأيتم هؤلاء في السبعين وهم يهتفون بنصرة الرئيس أو يمهرون وثيقة وفاء بدمهم، فالمشكلة ليست بكلام هذه الشريحة الانتهازية بقدر ما المصيبة بالرئيس الذي لا يسمع أو يصدق أن وقته قد أزف وأن عليه ألا يراهن على المؤيدين له، فلو أن مثل هذه المظاهر الخادعة نفعاً وقيمة؛ لكان ثلاثة ملايين عضواً مؤتمرياً كافياً لتأسيس جمهورية وليس فقط حضور مهرجان، ولكن جوهر المشكلة ليست بكثافة العدد وإنما المسألة هنا تتعلق بقناعات ومنافع ومصالح انتهازية، ينبغي حفظها ولو استدعى الأمر بهؤلاء توريث النظام الجمهوري والانقلاب حتى على ميثاق المؤتمر ذاته.
وعليه أعتقد أن على الرئيس صالح وبقايا نظامه إدراك ومعرفة حقيقة أن الخلاف بين اليمنيين لم يكن حول مسألة عودته للسلطة أو رحيله، بل الخلاف يكمن بماهية الحكم القادم وأهليته ومدى قدرته على طمأنة الآخر الذي مازال متمترساً خلف عودته، ظناً منه بحل يحفظ للجميع حقه ووجوده لا كما يعتقد صالح وأتباعه المخلصون والمتزلفون بثمة وفاء وولاء شعبي في حشود السبعين المضللة.