الثورة فعل مستمر

119

في المجتمعات التي تحكمها الأنظمة الديكتاتورية والعائلية، تصبح الثورة فعل مستمر، لأن تغييب الحريات في المقام الأول يكون بمثابة فعل ملازم وشرطي لبقاء هذا النوع من الأنظمة، وما يترتب على هذا الغياب وما ينتج عنه، يوفر بيئة خصبة لممارسة الظلم وانتشار الفساد وتنامي ظاهرة القمع، الأمر الذي ينتج في المقابل بيئة محفزة ومشجعة على ميلاد فعل مقاوم ورافض، دائم ومستمر وصولا إلى الثورة الشعبية.

لقد خان التقدير الأنظمة القمعية، فهي اعتقدت أنها بتغييب الحريات، وحرمان الجماهير من التعبير، وممارسة القمع تحمي نفسها، بينما الثابت أنها كانت تحفر قبرها.

الثورة فعل مستمر، ممتدة منذ زمن طويل، ليست وليدة اللحظة بقدر ما هي تراكم كونتها سنين الظلم والاستعباد والاستبداد، وستظل فعل مستمر..تمارس دورها بكل عنفوان كلما بدر ما يسوء أو قفز إلى طريقها فعل لا يستقيم مع قيمها وأخلاقها.

لأن الثورة قيمة، فهي منظومة أخلاقية متماسكة ومتوحدة، هدفها إقامة واقع منشود على أنقاض واقع مرفوض، حملة تنظيف تستهدف كنس واقع قذر، إنها مبادرة شعبية تبني ما هدم تعيد ما نهب تشيد ما تتطلع إليه الجماهير.

للثورة في اليمن قصة وحكاية، من الجنوب إلى الشمال مرتبطة بخيط وثيق، متصلة بالحلم الذي يسكن الناس ويعيشونه كل يوم كل ساعة.

الثورة في اليمن لا تستهدف إسقاط عصابة الحكم فحسب، إنها أمام مسؤولية أخلاقية كبيرة لإسقاط موروث متخلف وثقافة متبلدة تتحكم بنا وتحكمنا.

إن إصلاح الوعي الاجتماعي والوطني وإعادة إنتاج الوعي المدني هي مسؤولية تاريخية جسيمة عليها أن تصمد وتقاوم كل العراقيل والمحبطات عليها أن تتسلح بالعزيمة والمنعة لمقاومة وصد الثورة المضادة التي بدأت في الجنوب وها هي تتمدد إلى الشمال.

[email protected]