تغلب المخزون الحضاري للشعوب على أنظمته الحاكمة

80

مرت على الشعوب العربية والإسلامية  حقبة من الزمن عاشوا فيها زمانا غير زمانهم وقيما وسلوكا ومبادئ غير التي يمتلكونها ابتداء من الحرب الصليبية الأخيرة على البلدان العربية والإسلامية وبالتحديد بعد القضاء على الخلافة العثمانية التي كانت دولة مترامية الأطراف وممتدة على ثلاث قارات أسيا وأفريقيا وأوروبا يرأسها خليفة واحد جيشها وقرارها واحد مع تباين اللغة والجنس واللون إلا ان العقيدة الإسلامية هي من كانت جامعة وموحدة لهذا الخليط من الجنس البشري.فالعقيدة الإسلامية وقوة التمسك بها كانت ولا تزال هي المعيار الأساسي لقوة الأمة الإسلامية وتوحدها. والبعد عنها وضعف التمسك بها ينعكس مباشرة على قوة ووحدة الأمة.بعد ضعف دولة الخلافة الإسلامية في تركيا وابتعاد الناس عن عقيدتهم وانشغالهم بأشياء أخرى بداء الاختلاف والتنازع فشجع ذلك الوضع الدول الكبرى في ذلك الزمان على الهجوم عليها وتحالفت الدول ضدها ونهشتها من كل مكان حتى أسقطتها أرضا فسهل عليهم بعد ذلك السيطرة والاستيلاء عليها وتقاسمها بين الدول التي شاركت في الإجهاز عليها .البلدان العربية كانت جزاء لا يتجزأ من هذه الخلافة أي أنها كانت الجزاء الأكبر من الغنيمة  قسمت أراضيها وترابها وأصبحت دويلات صغيرة متفرقة ضعيفة مستعمرة مهانه فقدت عزتها وكرامتها وقرارها.أما الدول الإسلامية غير العربية فقد حاول المحتل احتواءها ودمجها في محيطها بحيث تصبح جزاء لا يتجزأ من فكره وثقافته بل كانوا يرمون إلى اكثر من ذلك تبديل دينها وقد نجحو كثيرا في تغيير فكر وثقافة تلك الشعوب بدرجة كبيرة إلا انهم لم يستطيعوا استئصال عقيدتهم بالكامل .استمر وضع الدول العربية بهذا الشكل لفترة غير قليلة من الزمن وهي ترزح تحت الاحتلال والذلة والمهانة  لكن الشعوب تنبهت  وصحت من سباتها وادركت حجم الخطر الذي يجثم عليها فثارت وانتفضت على محتليها وبداءة رحلة التحرر من الاستعمار في المنطقة العربية .ادركت الدول المحتلة لبلداننا العربية أن بقائهم عسكريا سوف يكلفهم الكثير فاجتمعوا فيما بينهم وخرجوا باتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الأمة الإسلامية إلى دويلات صغيرا بحدود وهمية توزعوها فيما بينهم .نعم تحررت الدول العربية من الاستعمار الأجنبي لكنهم لم يدركوا مقدار الحالة التي وصلوا إليها من الفرقة والضعف والانقسام والخصام والاختلاف فيما بينهم على قطعة ارض أو جزيرة أو حقل نفط أو غيره من الأمور الصغيرة.الحقيقة ان الاستعمار العسكري غادر بلداننا لكنه بقي محتلا لها بطريقة أخرى استطاع المحتل  السيطرة على مجموعة من الأشخاص هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا رباهم بطريقته وأزال منهم قيمهم وأخلاقهم وسلوكهم الإسلامية والعربية وحل محلها القيم والأخلاق والسلوك الغربية والشرقية التي لا تمت إلينا بصلة ثم غرسهم في بلداننا ومدتهم بكل أسباب القوة والغلبة واستطاعوا بذلك السيطرة على مقاليد الحكم في بلداننا العربية  فأصبحوا أداة لإعداء امتنا الإسلامية ينفذون من خلالهم كل ما يريدونه فمن خلالهم نهبت ثرواتنا وزور تاريخنا وبدلت ثقافتنا وتغير سلوكنا ،حاولوا طمس هويتنا بتربية جيل خال من أي عقيدة أو ولاء حتى أوصلونا حكامنا إلى ادنى مستوى للأمم تخلفا ، صور حكامنا للعالم أننا شعوب همجية وقنابل موقوته وخطر على العالم فاصبحنا في نظر العالم من مثل الجرب يفر منه الناس أينما سمعوا به .

مقالات الكاتب