إمارة طالبان اليمن

41

 جماعة الرب في أوغندا لا تختلف عن جماعة أنصار الشريعة في أبين وعن حركة طالبان في أفغانستان وعن الدولة اليهودية الخالصة بشعب الله المختار التي يراد إقامتها في فلسطين المحتلة من قبل اليمين المتطرف وحكومته ورئيسها بنيامين نتانياهو .

الشيخ عبد المجيد الزنداني بدعوته للدولة الإسلامية بمرجعيتها القائمة على أهل الحل والعقد وليس الشرعية الشعبية أو الدستورية ،إنما يريد إحياء إمارة طالبان الإسلامية في أفغانستان وصاحبها المجاهد أمير المؤمنين الملا محمد عمر، فربما اختلفت الظروف والأحوال والمعطيات في الحاضر لكن بقت فكرة دولة الخلافة واحدة بعتبارها أحدى تجليات الفكر السلفي الجامد وتحديدا الوهابية المتزمة جدا في تأويلها وقراءتها للنص المقدس أو في ممارستها للطقوس والشعائر الدينية .

أعجب وأتساءل الآن عن فحوى ومقصد دعوة الشيخ الزنداني ؟ فكأن ثورة اليمن لا ينقصها سوى الدولة الدينية وحُكم الملالي المستمد من تفويض سماوي رباني ثيوقراطي كهنوتي لا من تفويض وضعي بشري ارادوي شعبي ، فشيخنا الجليل للأسف هو ذاك المجاهد باسم الله في جبال أفغانستان وفي الشيشان وكشمير واليمن وحيثما وجدت الشيوعية بكونها رأس الشر والإلحاد ، مازال يعيش في سبعينيات وثمانينات القرن المنصرم التي يحسب لها صناعة الإسلام السياسي الجهادي المتطرف المدعوم أمريكيا وغربيا وعربيا .

بعد قيام دولة الوحدة عام 90م وقف الشيخ وجماعته بوجه الدولة المدنية فكان من نتائج هذه الحرب الضروس على دولة الوحدة ودستورها ونظامها ألتعددي أزمة سياسية حادة أفضت إلى حرب 94م وما لحقها من تبعات مأساوية وكارثية جميعنا يعاني منها حتى اللحظة .

 نعم لقد شغلنا الزنداني بجدل بيزنطي لا ينتهي حول الدستور المستفتى عليه عام 91م إذ ظل الخلاف محتدما ما إذا الشريعة الإسلامية كمصدر رئيس أم وحيد لكل التشريعات ؟ قوامة الرجل على المرأة ، صوت المرأة وولايتها وعملها ، لقد وصل الأمر إلى النشيد الوطني الذي لم يسلم من العبث وبحجة بقايا الشيوعية المستوطنة في مفردة (امميا ) وتم استبدالها ب(سرمديا ) .

الإسلام لا يوجد فيه الكهانة واللاهوتة ومع ذلك يراد له أن يكون كهنوتيا ولاهوتيا ومن خلال مشايخ الفقه الذين صنعتهم قرونا وعقودا من الاستبداد السياسي ، فهذا التحالف التاريخي بين السلطة السياسية والسلطة الدينية بدوره أوجد هذه الثنائية العجيبة والغريبة التي لا صلة لها ألبته بدولة الخلافة التي قامت في الأصل على البيعة والشورى وان كانت شكلية ولا ترتقي لمصاف الديمقراطية الحديثة النابعة من إرادة شعبية في صناعة الحكم و بانتخابات حرة ونزيهة .

الشيخ ربما غفل أن حرب 94م وقعت نتيجة لهذا التصادم ما بين فكرة الدولة المدنية وبين فكرة الدولة الدينية ، الناظر في دعوة الدولة الإسلامية سيجدها تنتمي لفكرة طالبان التي ولدت من رحم القاعدة التي هي  ابنة شرعية لهذا الفكر ألظلامي المتطرف المولود في صحراء وقفار نجد قبل أن يتمدد إلى اليمن ومصر والجزائر والأردن وأفغانستان وغيرها من الأقطار التي مازالت تعاني من هذا الفكر المتشدد إلى الوقت الراهن ، فالإسلام لم يعرف هذا الغلو والتزمت سوى بعد أن صارت جماعة من البشر منزهة وبعيدة عن المساءلة والمحاسبة بل وبيدها العصمة والفتوى التكفيرية والسطوة والمالية والقوة والنفوذ والمكانة وووالخ ، شخصيا كنت أفضل أن يتم الحديث عن أنموذج واحد جدير بالاقتداء والأتباع بكونه دولة إسلامية ديمقراطية وحداثية مستمدة مشروعيتها من رغبة وإرادة شعبها ومن احترام كرامة وآدمية الإنسان بدلا من الاعتداد بالدولة الدينية المضطهدة لحق مجتمعها بالحياة والتطور .

   

مقالات الكاتب