حصار السبعين يوم على غزة... هزيمة محتل وشموخ مقاومة
سعيد شيباني
( غزة..مقبرة الغزاة ) كتب/سعيد شيباني اليوم الموافق...
لاح لي وجه المعارضة محترقا إصابته لعنة السياسة , بدا لي الجسد المعارض مغطى بالجبس الشقيق .. بعد طول انتظار وفي موسم العروض القوية قدم المشترك أسوا واضعف عروضه , أداء مبتدأين ابعد ما يكونون عن الاحتراف.
كانت البداية مشجعة لكنهم اضطربوا فجأة وفقدوا القدرة على التركيز والإمساك بالمسار فلجأوا للارتجال فكثرت الأخطاء والسقطات واشتد الارتباك حتى ضاق بهم الجمهور . بدوا كما لو أنهم لم يستعدوا ولم يبذلوا أي جهد لتقديم أفضل ما لديهم.
اعتمد القوم على ملقنين ومخرجين يهمهم إخراجهم خائبين كما اتكأوا في تساهلهم على جمهور جاهز لديه من اليقين وحسن الظن ما يكفي لاعتبار كل إساءة أحسانا خالصا .
تعامل قادة المشترك مع الساحات بتعالي أفرطوا في الثقة ، لم يراعوا حساسية اللحظة وضغط المزاج الثوري الحاد . بدت الثورة غير مرئية فيما يقولون ويفعلون، اختاروا استثارة قلق الثوار . الحضور المسترخي ، الخطاب المتعثر، ارتًباك المخفق..الإيغال في التستر المثير للريبة رغم وضوح الخيبة والانكشاف , غطاء صالح الإقليمي والدولي بدا أثقل من حكمة معارضينا الكبار. لم يهتموا بما يمكن أن ترفعه ريح الخارج من أغطيتهم الداخلية، بالله عليكم أي عملية سياسية هذه تقوم على التطمينات؟ هذا منطق مستجدين مستعدين لأن يمتنوا للوعد المجرد بالدعم والإسناد.
لم تكن الثورة حاضرة هذه التنازلات، كانت شاهدا على الأداء السياسي الفقير, عينا على عمى المعارضة وتخبطها وضياعها وفقدانها الثقل اللازم للسير في هذا الدرب بثقة وخيلاء وكبرياء شعب ثائر.
بدا جليا تورط قادة المشترك في صفقة خاسرة دفعوا فيها سفها رصيدهم وقطعوا وعود وفاء أخرى باسم الثورة وانتهوا إلى إفلاس مبكر، مازالوا يعلنونه من حيث أرادوا إخفاءه وإبقاءه طي الكتمان، وكمساكين عاثري حظ أشقاهم خُلف الأشقاء ولؤم الأصدقاء،غرق القوم في التكسر والتوسل والمناشدات الدامعة والمطالبات الضارعة.
كانت الثورة تريد إسقاط النظام وقيادة المشترك تستعطي المبادرة الخليجية بدا الافتراق واقعا ولاح الخذلان حقيقة .
أنا لا أخون أو أجرم .. أنا اقرأ أداء في لحظة تاريخية فاصلة لا تقبل التساهل للخطأ البسيط ، فيها كلفة باهظة وثمن قد تصل فداحته خسراننا الكرامة.
ثمة حقيقة نخطئ في التقليل منها والتهرب من مواجهتها وهي أن استياءاً عاما يسود الساحات من الأداء السياسي للمشترك ، إجماع عام بالصدمة.
بروز”فايرستاين” كعراب للسلطة والمعارضة .. الإعلان عن نفوذ خليجي قوي مقر ومعزز من الجميع ، وعلى نحو ينحسم عليه السبق وينعقد الرهان تعاطي قيادة المشترك مع الدور الخارجي جاء بلا سقف ولا حدود ولا ضوابط من أي نوع ورغم إدراكهم حساسية الأمر كان التعامل ارتمائيا باعثا على السخط ومثيرا للشفقة.
لكأن اليمن لم تثر ضد ارتهان القرار السياسي وضد كل إشكال الوصاية الداخلية والخارجية على حرية اليمنيين وخياراتهم المصيرية المرتبطة بجوهر السيادة . بدا واضحا أن المشترك في تعامله مع العامل الخارجي مراهناً عليه أكثر مما يراهن على الثورة . لاح متطلباً بحرص لما يقدمه الأشقاء والأصدقاء وكان “فايرستاين “يمنح بقايا أدوات النظام أكثر مما يعدهم به , كان صالح ونظامه يعُالجان هنا بأكثر مما في الرياض . قدم الأمريكان رسائل واضحة عن اهتمامهم الخاص ببقايا الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة للقصر والمرعية من قبلهم . تحدثوا صراحة أن الوضع الأمني بداء يتحسن بعد خروج صالح للعلاج في إشارة لما يقوم به الحرس الجمهوري على صعيد مسرح العمليات ضد القاعدة في ابين وغيرها من المحافظات الجنوبية . اتجه اهتمام الأمريكان صوب إعادة تأهيل الأجهزة المنوطة بإنفاذ تعاقدات الشراكة في مكافحة الإرهاب , ما يؤسف إن قادة المعارضة لم يقدموا أنفسهم على أساس الشرط الثوري الجديد بما له من قوة وقدرة على فرض معادلات جديدة والتأسيس لعلاقة أخرى , لها أولوياتها وشروطها . المشترك في ما هو جلي ظل يقدم نفسه كوريث لذات التعاقدات مستعدٍ للوفاء بما هو أكثر رعاية وحماية لمصالح أمريكا والآخرين .
لم يكن المشترك بحاجة لان يسلك طريقاً بائساً كي يقنع مخبراً وملاحق طرائد بشرية بأنه الأصلح من صالح لم يكن بحاجة إلى تطمينات مبتذلة تحكي حسن السيرة والسلوك أمام العالم المستريب من الثورة ومآلاتها المحتملة , لم يلتفت قادتنا لما يخسرونه من ثقة جماهيرهم وهم يستدعون باعياء رضى الخارج , برز المشترك كما لو انه ابن اللحظة ليس لديه من الحضور والتجربة ما يحدد الهوية ويطامن القريب و البعيد , المشترك قوى مدنية , احزاب لها تاريخ ونضال مشهود وخطاب مدني واضح وثقل جماهيري لا يحتاج الى اثبات . وقوف المشترك الطويل امام المبادرة الخليجية وهي باب مغلق عكس انعدام ثقه بالثورة وبما يمكن ان تصل إليه , ظل تشبثه بالمبادرة الخليجية بمثابة قطع طريق وكلما انسد الافق امامه تراجعت قدرته حتى على استثمار الزخم الثوري في مساوماته اليائسة .
من حقي ان اقرر اليوم : ان يقيني بقيادة المشترك كيقينهم ” بعبده ربه منصور , انتظرنا كثيراً صراحة” يحيى منصور ابو اصبع بان المبادرة الخليجية كانت ” فخاً ” انتظرنا كثيرا تصريح قحطان العاتب تجاه الجارة الشقيقة , تأخرت مكاشفات “حسن زيد ” تأخر الاعتراف بسوء التقدير، وخبل الحسابات.
أمل القوم انتزاع حكم بأدانة صالح من وسطاء لهم الحق ان لا يجاوزا دور الوسيط . من حقنا ان نسائل هذا الأداء الذي ترك الجميع في حالة انتظار وترقب وعجز متعمد , السياسة تلقي بظل تواطؤاتها على الساحات نظام التحكم ظل يشل الفاعلية , من حقنا أن نواجه مسؤلياتنا وان نراجع أداءنا بدون مواربة ولا خوف من فقدان اليقين او الثقة اذ لا يتأسسان على الوصايا والتعاليم المحفوظة وإنما على الوفاء بالمسوليات والقيام بالواجبات على اكمل وجه . ان للقيادة عبئها ونحن اذ ننتقد انما نصدر من مواقعنا كمعنيين ومراقبين ومتابعين وفي هذا يدرك قادة المشترك انهم استحقوا اللوم والعتب بقدر ما اثأروا من المخاوف والهواجس والظنون .
لا اسوأ من ان تتعثر بذاتك, تغدوا الإزاحة حينها صعبه تقتضي طاقة هائلة من الشفافية ويقظة الحس والضمير , نحن اليوم في وضع حساس نتراجع فيه صوب الداخل بعد شهور من مقارعة العدو خارجنا , ظل خصمنا واضحاً وقوانا في اوجها أرواحنا مشدودة صوب الغاية الكبرى وغضبنا مصوب باتجاه واحد . اليوم تعود بنا مسارات الفعل الى ما لم نحسمه داخلياً من يقين امتلاك القرار والإيمان بالثورة وقدرة شعبنا الثائر على صناعة مصيره وتحديد مستقبله وخلق معادلة وطنية جديدة وبناء علاقات إنسانية مع المحيط الإقليمي والدولي مشروطة بما يضمن السيادة ويحقق مصلحة الجميع .
لا اقل بعد كل هذا التيه من ان نستعيد قادتنا , نريد ان نراهم وسط الساحات , بيننا , نريد ان نسمع منهم ما يوجب الاعتذار لنا او لهم فقد أوغلوا في إثارة حنقنا في وقتٍ نحتاج فيه إلى طاقتنا كاملة لإكمال ما بدأناه .