متى تتوقف السعودية عن التدخل في الشأن اليمني؟

97

مرت الشهور والأسابيع، أمين عام مجلس التعاون الخليجي وصل صنعاء، غادر صنعاء، المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية بنسخها الست، لم تكن إلا مجرد سيناريوهات من إنتاج وإخراج الغرف المغلقة في دوائر صنع القرار في السعودية.
يتعمق في قلوب اليمنيين شعور متأصل بأن بلدهم لن يرى طريقاً إلى النور والتقدم والنهضة ما دامت الجارة الكبرى تقف بكل ثروتها ونفطها ضدهم، لا لشئ إلا تخوفاً ورعباً من شيئ اسمه اليمن السعيد، هكذا يبدو لهم أنه لا أمان للنظام السعودي إلا باليمن الـ لا سعيد، وتنفيذاً لوصية والدهم المؤسس: إذا نهض اليمن فاقرؤوا الفاتحة على مملكتكم، على ذمة الراوي محمد حسنين هيكل من مصادر مقربة في العائلة السعودية كما ذكره في كتابه : مقالات يابانية.
وقفت المملكة السعودية بكل ثروتها مع الحكم الإمامي الكهنوتي وبعد أيام من نجاح ثورة 26 أيلول/سبتمبر 1962 م والقضاء على الأئمة وتمكنهم من الهروب إلى الجارة السعودية تمكنوا وبدعم سعودي من زعزعة استقرار البلد وإذكاء حرب أهلية استمرت 7 سنوات فرضت السعودية بموجبها عودة رموز الإمامة كمسؤولين في الجمهورية الوليدة.
يتكرر السيناريو اليوم: بدلاً من أن يكون غياب الرئيس المخلوع شعبياً ودستورياً (بحكم حالته المرضية وعجزه البدني عن إدارة شئون البلاد) بدلاً من أن يكون هذا عامل تسريع لإنجاز مهام الثورة الشبابية في البلد نراه يتحول إلى عامل زعزعة وتهديد ووعيد من على فراش المرض الملكي السعودي.
وقفت السعودية حجر عثرة أمام إعادة توحيد اليمن في آيار/مايو 1990م إلا أنها عجـــزت أمام الإرادة الشعبية القوية آنذاك لترى ضالتها في طرد 3 ملايين عامل يمني من على أراضيها كعقاب جماعي وكعبء أصاب اقتصاد الدولة الوليدة بشلل لا يزال قائما حتى اليوم.
مولت السعودية حرب محاولة الانفصال في 1994م وفشلت مرة أخرى، وحاولت بشتى الطرق والوسائل واستغلت الفساد المالي والإداري وعدم وجود دولة مؤسسات في البلد بالتوقيع على اتفاقية جده الحدودية التي اعترف اليمنيون فيها رسمياً بأن نجران وجيزان وعسير جزء من أراضي السعودية.
تصرف المملكة السعودية من ميزانيتها و ديبلوماسيتها في ربط اسم اليمن بالإرهاب بدلاً عنها أكثر مما تصرفه في محاربة الإرهاب في أراضيها.
كل ذلك ليس له أي تبرير إلا الخوف والرعب من شيء اسمه اليمن المستقر الآمن المتقدم، ولكن هل تستطيع الثروة السعودية أن تكبت هيجان الثورة اليمنية وخاصة إذا ما كانت شعبية ووقودها هم شباب الوطن الواعدون؟ كلا: وإن بدا لـ آل سعود أنهم نجحوا مؤقتاً ولكن ما يتوالد من شعور بالغٌلب والأسى وخيبة الأمل في أوساط شباب اليمن من الموقف السعودي المعارض لأي مشروع نهضوي تنموي في اليمن ستكون ضريبته مرتفعة التكاليف مستقبلاً على المملكة العربية السعودية.
إن الشباب اليمني يتمنى من آل سعود ومن لجنتهم الخاصة بشؤون اليمن كف أيديهم عن هذا البلد وترك الشعب اليمني يقرر مصيره نفسه بنفسه دون وصاية من أحد.
وها نحن قد بدأنا نقول لكم: لا للوصاية، لا للتدخل في شؤوننا، بدأت أصوات عادية من مواطنين هنا وهناك، بدأت خافتة ثم تعالت، ووصلت إلى (جمعة لا للوصاية(، وستعلو هذه الأصوات، وأتمنى أن تفهموها قبل أن يجتاحكم مارد ثورتنا الذي لا يقف في وجهه شيء، احذروا الحليم إذا غضب، واحترموا حق الجوار، انشغلوا باموركم قبل أن تشغلكم أمور الآخرين، حلوا مشاكلكم المكتمة قبل أن تنفجر لتحرقكم، خذوا العبرة من محمد السادس وليس من إبليس، نحن على ثقة تامة أن ثورتكم الخامدة ستنفجر عما قريب، فحاولوا حلها وحلوا عنا ولا تجعلونا وقودا ومشعلا لها، الشعوب اليوم غير شعوب الأمس، من يفهم اليوم أن رزقه بأيديكم سيفهم غدا أنه لا دخل لكم بجيولوجية الأرض ولستم من أوجد ما في باطنها، سيفهم غدا إنكم مواطنون مثلهم ولكم من الحقوق مثل مالهم، وسيفهمون أن نعمتهم لن ترحل برحيلكم،الشعوب تغيرت والأنظمة الصهيونية تتهاوى، ويدكم اليمنى - في مصر - انكسرت، وبيتكم - في البحرين - يشتعل، فتلك الانتفاضة البسيطة في ذلك البلد الصغير - الذي لا يتعدى سكانه اثنين ونصف في المائة من سكان اليمن ولا تتعدى مساحته واحد في الألف من مساحة اليمن - أجبركم اليوم - وعلى لسان وزير خارجيتكم - على الحوار مع إيران عدوكم اللدود، لم تنفع عنجهيتكم ولا جنودكم ولا مدرعاتكم التي ارسلتموها إلى البحرين واضطررتم للحوار.
في اليمن لدينا حكمة تقول (ما أحد يستهين بالرجال(، وأتمنى أن تفهموها وتبقوا على حبل المودة مع شباب الثورة ومع الشعب اليمني، فالثورة منتصرة - بإذن الله - ولن يقف في وجهها شيء، كما انتصرت من قبل ثورتا 26 ايلول/سبتمبر و 14 تشرين الاول/اكتوبر وكما انتصرنا في 22 ايار/مايو رغم كل العراقيل، والسعيد من اعتبر بغيره.