معالم في طريق النصر

93

أكبر انتصار حققته الثورة هي إعادة الروح للجسد اليمني المنهك بثلاثية الضعف والذل والإحباط ثلاثية استطاع النظام البائد أن يغرسها في نفوس اليمنيين ويعيد إنتاجها في كل مناسبة حتى أصبح المواطن اليمني يعتقد استحالة أي تغيير حقيقي. فثقافة الضعف ولدت قناعة أن النظام باقي إلى الأبد لا يمكن إزاحته ولو طال الزمن.

أما ثقافة الذل فتمثلت من خلال الخوف الشديد من فكرة التغيير الإعلامية إلى تكريس قضية ( كل وأشرب وأحمد الله وادعوا للرئيس عاد نحن أفضل من الصومال والعراق) فتحول الناس إلى أذلاء مكبلين بأغلال العبودية إلى مساحة صغيرة نتحرك من خلالها.

لكن ربيع الثورات العربية أعاد لنا الثقة والأمل واستطعنا أن نحول المساحة الصغيرة إلى شعاع نور يضئ الأفاق. فمن هذه المساحة الصغيرة انطلق المارد اليمني بكل قوته وعنفوانه يدك معاقل الطغيان وأوصل رسالته القوية المزلزلة إلى العالم (بأننا أحرار ولا نستحق أن نحيا حياة العبيد لقد انفجر البركان معلنًا ميلاد جيل جديد متسلح بثقافة (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا)..

إنها صرخة لم تكن في وجه رأس النظام فحسب بل كأننا في وجوه قيادة بعض الأحزاب التي كبلت شبابها فتقدم الشباب ثم لحقت بهم أحزابهم وهذا يحسب لقيادات الأحزاب التي تدعي لنفسها الوصايا بل أعلنت منذ اللحظة الأولى وقوفها خلف الشباب وأنهم هم وقود الثورة وصانعوها لذلك ما أحوجنا إلى حكمة الشيوخ وحماس الشباب أنهما معًا يشكلان جناحان لطائر الحرية ولا يستغني أحدهما عن الآخر.

إن أكبر حظر يهدد الثورة هو سوء الظن والتشكيك بمواقف الأخريين وإعادة الوصايا لذلك يجب أن يكون هناك تكامل وتعاون وثقة متبادلة بين الجميع.

إننا نبشر بشراكة حقيقية تنبع من روح الثورة شراكة تقتضي أن نخلص في العمل ونراعي مصالح الشعب ونكون أوفياء لدماء الشهداء بعيدًا عن ثقافة الإقصاء والتهميش أو التقليل من جهود الآخرين فكلنا شركاء في الثورة والوطن وليس لأحد على أحد فضل ولا منة.

إننا ونحن في لحظات النصر الأخيرة بأمس الحاجة إلى أن تعزز ثقتنا بالله ثم بكل من سار معنا في هذا الطريق سواء معارضة أو عسكريين أو من كانوا مع النظام ثم ارتدوا عنه أو من شيوخ القبائل المخلصين فالمرحلة تقتضي المزيد من التلاحم ورص الصفوف والبعد عن مواطن الخلاف والشقاق وفرز المواقف وتوجيه الاتهامات فالهم كبير والحمل ثقيل والشراكة تقتضي ألا يستأثر أحد بصنع الحياة السياسية منفردًا.

وفي الأخير يجب أن تعود إلى نفوسنا جميعًا روح الثورة وقوة زخمها وعنفوانها مهما كانت الظروف ومها طال الطريق فالنصر قادم وعلينا أن نتسلح سلاح الثقة بنصر الله وبعونه وتوفيقه دون أن نعقد الثقة بدول الإقليم أو الخارج (أمريكا وأوروبا) فمصيرنا ومصير ثورتنا مرهون أولاً بقدرة الله ثم بعزيمة وإرادة الثوار مهما تخلى عنا الآخرين أو طال الطريق فالنصر على الأبواب ولكنكم تستعجلون ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)..

مقالات الكاتب