مسلسل.. "صالح ما صالح"!

91

بحلول شهر رمضان المقبل، يدخل المسلسل الكوميدي الشهير "طاش ما طاش" عامه الثامن عشر، والمسلسل كما هو معروف إنتاج سعودي، يطرح في قالب فكاهي بعض المواقف المسلية و... الممتعة!.

وفي مواسمه الأخيرة، تحول هذا العمل الفني الناجح إلى طرق بعض القضايا الاجتماعية، التي يعاني منها المجتمع السعودي، في محاولة منه لتغيير بعض المفاهيم السائدة، التي تعيق تطور المجتمع، وتحول دون مواكبته للمتغيرات المتسارعة التي يشهدها... العالم!!.

وبموازاة المسلسل السعودي، الذي بات يحظى بدعم رسمي واضح، يعكس رغبة القيادة السعودية في التغيير، يوشك مسلسل آخر شبيه أن يدخل موسمه الرابع والثلاثين، ورغم كون هذا الأخير يمنياً خالصاً، إلا أنه هو الآخر ينال نصيبه من المساندة والدعم... السعودي!.

توقفت عن الكتابة تماماً بعد حادث "جامع النهدين"، تملكني شعور حينها بأن اليمن تدخل فصلاً جديداً أكثر قتامة وسوداوية، حيث بدا واضحاً من ملابسات ذلك الحادث المزعوم، وتضارب الروايات والتصريحات بشأنه، أن البلد انتقل من مرحلة المساجلات في الميادين والساحات، ومن على شاشات القنوات الفضائية، إلى مرحلة جديدة مختلفة، بل ومخيفة، تتمثل في العمليات ذات الطابع الأمني و... الاستخباراتي!.

هذا هو ما حدث بالفعل، وبالنسبة لي، وللكثيرين غيري، ما كان محصوراً في البداية بحدود دائرة الشك والتخمين، سرعان ما أصبح حقيقة ماثلة بعد ذلك، لا ينكرها إلا من أراد خداع نفسه، أوالتعامي عن رؤية الحقيقة كما... هي!.

لقد اتضحت الصورة تماماً بالظهور التلفزيوني الأول للرئيس علي عبدالله صالح، الذي شاهدناه جميعاً في حال يرثى لها، وتعززت الصورة أكثر بالظهور الثاني له بعد ثلاثة أيام فقط، وهو يتحرك بحرية، فيما تغير بالمقابل "مكياج" الحروق السابقة، على نحو لا يقره الأطباء المتخصصون، وإنما يعرفه جيداً، ويفهم أسراره وتقنياته، خبراء الإنتاج الفني وأفلام... "الأكشن"!!.

العمليات الاستخباراتية تثير الارتباك والتشويش، وتؤثر في قناعات الناس، وتحدث تحولاً في موازين القوة، وقد كان صالح في أمس الحاجة إلى عملية من هذا النوع، لانتشاله من مخاطر تصاعد حركة الاحتجاجات الشعبية، خاصة بعد أن فشلت كل محاولاته لتحريض الناس ضد الثورة، وأعيته المحاولات المتكررة لتحويل القضية إلى أزمة بينه وبين بعض "حلفائه" من قيادات... المعارضة!.

ولكي يكتمل إخراج هذا العمل التمثيلي الرديء، كان لابد من أن يرافقه إغراق للبلاد في أكذوبة إنتشار أعضاء تنظيم القاعدة، وتشريد أهالي أبين من منازلهم، وقصف تعز وأرحب وغيرهما، فضلاً عن إنهاك الناس في أزمات معيشية مبرمجة، في المأكل، والوقود، والكهرباء، والمياه، وعلى نحو لم تشهده مختلف الثورات العربية، وبما فيها الليبية، التي يخوض ثوارها حرباً حقيقية شرسة، على عكس احتجاجات شعبنا الطيب... المسالم!.

نقطة أخيرة:

مسلسل "صالح ما صالح" طويل ومأساوي، لا يخلف وراءه سوى الدمار والدماء، ولا يجني منه الناس سوى المزيد من الأزمات، ليته كان على الأقل مسلسلاً سعودياً ممتعاً ومسلياً مثل... "طاش ما طاش"!!.

[email protected]