حصار السبعين يوم على غزة... هزيمة محتل وشموخ مقاومة
سعيد شيباني
( غزة..مقبرة الغزاة ) كتب/سعيد شيباني اليوم الموافق...
لا تزال البلاد في طريقها للمجهول، وما زال اللاعبون الكبار مصرين على اختبار قدراتهم في السير على الطريق ذاته، و لا شيء يلوح في الأفق مبشرا بانقشاع سحابة الصيف، فالثورة التي تخطو اليوم نحو شهرها السادس تراوح في الساحات والميادين، والثكنات لا تزال على أشد الاستعداد للمنازلة المفترضة بين أطراف يتوزعون مواقعهم وفقا لتحالفات وخصومات لا تلبث أن تتغير وتتبدل ليؤدي التحول فيها لتغيير مواز في مراكز القوى المؤثرة.
في غمرة الفراغ تنشأ القوى الجديدة، ومن رحم الفوضى تولد الكيانات الغريبة والمكونات غير السوية، الجميع يبحث عن موطئ قدم وميدان مواجهة لفرض نفسه وأجندته المجهولة منها والمعلومة، وبين ذلك كله يتراءى الوطن نصعا مكشوفا للقناصة المحترفين، يتحول الأمن لطريدة مطاردة، ويصبح الاستقرار حلما بعيد المنال،
مساء الجمعة الماضية ذكرت السفارة اليمنية في واشنطن ان متشددين تابعين لتنظيم القاعدة وسعوا عملياتهم العسكرية في أبين.
وفي البيان الذي تناقلته وسائل الإعلام قالت السفارة ان تنظيم القاعدة ينتهز فرصة الوضع الهش في البلاد والحماية التي يوفرها بعض المتعاطفين، وقالت ان هذه الحماية والتعاون يسهلان التجنيد والعمليات في بعض المناطق داخل المحافظة.
إضافة لذلك يعيش المواطنون حربا غير مرئية مع أزمة تتفاقم يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة، الخصم فيها يتجلى في أزمة مشتقات أفضت إلى ضرب حركة الحياة العامة والخاصة، تتعطل ممكنات البقاء وتتوقف عجلات الحركة، وسوى ذلك لا يوجد خصم يسهل مواجهته والنيل منه، بينما أطراف السياسة يتبادلون الاتهامات كالعادة التي دأبوا عليها منذ سنوات،
من يعيشون هذه التحديات ينتظرون ما لا يُنتظر، ويحلمون الحلم الذي لا مبشر بتحقيقه على الأقل في هذا الظرف العصيب،
المواطنون في المدن كما في الأرياف متضررون من تبعات الأزمة غير المسبوقة، وكذلك الزراعة تبدو خاسرا كبيرا و الصناعة تخسر ايضا كما تخسر حركة التجارة والنقل و المواصلات والاتصالات والتنمية بكافة أشكالها بينما محفزات الأزمة والاحتقان تتغذى بشكل مستمر، وهو ما يضاعف من مخاوف الناس العاديين الذين يتطلعون لغد أفضل ومستقبل جديد ومشرق بالآمال والتطلعات التي لا يزال اليمنيون يرسمونها وهم في طريق استئناف حياتهم وحركتهم الدءوبة حينا والبطيئة حينا آخر.
يتمسك الساسة بأدوات سياستهم العاجزة عن فك طلاسم المشكلة الرئيسة التي يرزح تحت عبئها قطاع واسع من الشعب، وفي أحايين أخرى يتبرأ أولئك الساسة من تبعات ما يرتكب بفعل سياستهم ليتحولوا إلى صفوف الجماهير ريثما يستعيدون أنفاسهم وشيئا من الثقة المطلوبة لاستئناف النزيف الذي أدمنوه وهم يتبادلون الرؤى والآراء والأفكار عبر البيانات والبلاغات والتصريحات المختلفة.
ومثل كثير من البواعث على إشاعة الخلاف وتعزيز بؤر الاختلاف جاء ظهور الرئيس صالح مساء الجمعة الماضية ليعتبره المؤيدون نصرا أسطوريا يجب الاحتفال به، بينما رأى فيه المناوئون دليل إدانة للسلطة ومؤشرا لسقوط النظام، وسقط ضحايا جدد لا بفعل الصدمة ولكن بفعل الاحتفال الذي تجاوز نفوس المحتفلين إلى رؤوس المواطنين رصاصا حيا قاتلا.
تتعالى الأصوات من خارج اليمن داعية الجميع للتحلي بالحكمة بحثا عن الحلول الممكنة بدل التشدد والتصلب الذي يزيد من تعقيد الأمور، وقبل يومين كتب المحرر السياسي بصحيفة الخليج الإماراتية يدعو الجميع لمواصلة البحث عن حلول لأزمة تستفحل بشكل أكبر مما كان يتوقعه المعارضون والموالون، فاليمن كله يتجه نحو كارثة، وظهور صالح يمكن أن يسهم في حل الأزمة أو يعقدها أكثر، وأضاف قائلا: "اليمنيون مدعوون لأن يتوجهوا إلى الدخول مباشرة في إيجاد الحلول التي تنقذ اليمن مما هو فيه، لأن التمترس حول مطالب جهة وتجاهل مطالب جهة أخرى هو ما سيقود البلاد إلى كارثة أكبر، ومن المهم بعد ظهور الرئيس صالح أن يكون ذلك محطة للمراجعة ودفع الأزمة نحو الحل لا التعقيد، فاليمنيون اكتووا بنار الأزمة لأكثر من خمسة أشهر، وهي التي تنشب مخالبها في كل مكان، ويخشى من أحداث أكبر مما يمرّ به اليمن اليوم .