هذا حلمي ليمن ما بعد الثورة

82

من حقي كيمني أن أحلم لخير وسعادة وطني, ومن حقي أن أتصور وطني على غير عادته لا سيما ونحن نعيش مرحلة مفصلية لا مثيل لها في تاريخ العرب القديم والحديث إذ لم يحدث تغير كهذا منذ آلاف السنين في هذه البقعة من العالم... نحن نعيش مرحلة انتقالية شعبية رومانتيكية كان للفعل فيها اليد الطولا بعد عهد طويل من عمر الدكتاتوريات والموميات في العالم لعربي.


صحيح أننا سنمر بأزمات كبيرة وموجعة جدا بعد رحيل الطاغية علي صالح لكن علينا أن لا ننس أن هناك مستقبل مشرق ينتظرنا نحن وأبناؤنا وأحفادنا بعيدا عن أقوال الناعقين من المثبطين المرتجفين الذين يولولون ويبثون سمومهم هنا وهناك عن أن الثورة خطفت أو ستخطف من قبل هذه الجهة او تلك... وعليه سوف (أخش) في الموضوع بعيدا عن المقدمات الطللية المملة التي دأب عليها غالبية الكتاب للتوطئة لموضوعاتهم.


تخيلت اليمن بعد الثورة - وهو خيال في محلة وسوف يتحقق بإذن الله – دولة من العيار الثقيل ذات نفوذ عالمي على غرار ماليزيا والسويد والنرويج فيما يتعلق بالتكنولوجيا والصناعة وقوانين المرور ومستوى معيشة الناس والأمور الاخرى.


(1)
في يمن مابعد الثورة النظام صار برلمانيا بحتا وبات للشعب الكلمة الفصل في تسيير دفة الحضارة والتقدم وبناء الدولة المدنية الحديثة.. فهناك رئيس وزراء منتخب من قبل أعضاء مجلس النواب ورئيس جمهورية فخري وفخري فقط وبدون قصر أو حرس جمهوري أو خاص أو عام, وفي اليمن لكل محافظة حكمها الخاص بها, وقوانينها المحلية الخاصة تختلف عن قوانين المحافظة الاخرى وحتى على مستوى المحافظة هناك حكم محلي لكل مديرية على حدة فقوانين مديرية جحاف تختلف عن قوانين مديرية الشعيب مثلا- القوانين المحلية طبعا- التي تخص الشرطة وعقود البناء وووو هذه الاشياء التي كانت معقدة في العهد البائد أصبحت اليوم هي المهمة السهلة لدى المواطن.

 

(2)
وإذا سألت عن القضاء في يمن مابعد الثورة فسوف تجيبك خيام القضاء المنتشرة على طول الأسواق وأماكن التجمعات السكانية... فالقضاء في يمن مابعد الثورة يسير بنظام لامركزي بحت, حيث عملت الدولة على تنصيب قاض لكل حي من الأحياء السكنية وقاض لكل سوق متخصص بأمور البيع والشراء وقد أزيحت تلك الأمور المعقدة والاجراءات التطويلية التي كانت تتيح للحاكم التلاعب برقاب الناس وأموالهم في عهد النظام البائد, وبات البت في الأحكام النهائية ليس مهمة قاض بعينه بل مجموعة من القضاة المشهود لهم بالنزاهة والعدل, وليس الأمربتلك السهولة عندما يتعلق بإصدار حكم بل على القاضي ومعاونوه النزول إلى بلد المتخاصمين لزيارة وجهاء البلد وبسطاؤها لمعرفة أدق التفاصيل عن وقائع الأحداث أو الأماكن وكذا السلوك العام للمتخاصميين, وهناك أمور كثيرة فيما يتعلق بمجال القضاء في اليمن لا مجال لذكرها ويكيفينا أن اليمن أصبحت وجهة يؤمها الألاف من القضاة في العالم العربي والاسلامي للتدرب على آليات تنفيذ قوانين القضاء في قوانين البلدان.


فالكل في اليمن يخضع لسلطة أصغرقاض في أصغر سوق أو حارة أو قرية فعلى سبيل المثال -لا الحصر- قام أحد المواطنين في مديرية الأزارق بمحافظ الضالع برفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء ادعى فيها أن موكب رئيس الوزراء تسبب في موت شاة يملكها وذلك اثناء مرور الموكب من أمام منزله فقام القاضي في المديرية بتوجيه دعوى لرئيس الوزراء فحضر رئيس الحكومة بطوله وعرضه وحوكم أمام القضاء في مديرية الازارق وليس في أي مكان آخر حوكم في مكان وقوع الحادثة وتم تغريمه مبلغا باهضا من المال لمخالفته لقوانين الطرق وقتل حيوان بريء.


(3)
لقد سمعنا وقرأنا كثيرا عن حرية الصحافة والإعلام في بلاد الغرب وكنا نتمنى أن لو يصلنا ولو جزء يسير من ذلك الانفتاح الممنوح لزملائنا في بلاد العجم ولكن بعد ان تحققت الثورة الشبابية في اليمن لم نعد نطمح باليسير من تلك الحريات بل كبرت طموحاتنا حتى لامست النجوم بعد صدور تلك القوانين التي نصت على أن لكل مواطن أو هيئة أو مؤسسة أو حزب أو جماعة أو قبيلة أو قرية أو مدينة أو مسجد أو مدرسة الحق في أصدار جريدة أو مجلة أو موقع الكتروني أو فتح إذاعة صوتية أو قناة تلفزيونية محلية كانت أم فضائية دولية أو فتح وكالة إعلانية أو إعلامية أو وضع ملصق أو منشور أو لافتة يعبر فيها عن رأيه.... فنتيجة لذلك أتيح للمواطن والفلاح في القرى النائية التعبير عن آرائه ونقل شكواه وتظلماته الى الحاكم بل ومشاهدة الأحداث التي تحدث في الاقليم او القرية التي يعيش فيها لحظة وقوعها وبكل سهولة ويسر.. حتى أن بعض القرى امتلك أهلها محطات إذاعية يستخدمونها في حل قضاياهم وترشيد النساء والرجال فيما يتعلق بالحياة وبالأمور الدينية والاجتماعية ولشرح أغلب المناهج الدراسية لطلاب وطالبات المدارس.


(4)
ولأن التعليم يعد الركيزة الاساسية للبناء والتقدم فقد عملت حكومة مابعد الثورة في اليمن على تطوير العملية التعليمية مستعينة بخبرات وتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال الهام والحساس.. فمن ذلك زادت المباني التعليمية بنسبة 60% عما كان موجود في عهد النظام البائد بحيث لا يتجاوز عدد الطلاب 20 طالبا في الفصل الواحد وفي كل المستويات والمراحل العمرية المختلفة... وقد أولت الحكومة المرحلة الابتدائية أهمية كبرى كونها القاعدة الاساسية للتحصيل العلمي لدى الطالب.


وزادت عدد ساعات التعليم من 5 ساعات الى 8 ساعات للمرحلتين الأساسية والاعدادية و7 ساعات للمرحلة الثانوية, وتم إطلاق موقعا الكترونيا لكل مدرسة وبريدا الكترونيا لكل طالب في هذا الموقع يسهل على المدرسة التواصل مع ولي أمر الطالب ومتابعته من قبل مدير المدرسة ومدرس المادة لحثه على تحفيز ابنه على الاهتمام والمذاكرة الدائمة وحل الواجبات المدرسية.


ونظرا لزيادة عدد ساعات التعليم عن ما كانت عليه في العهد البائد فإن حكومة مابعد الثورة قد وفرت الطعام والشراب للطالب من خلال مطعم خاص تم تشييده في كل مدرسة لذات الغرض وعلى نفقة الدولة وكذا وفرت الحكومة تكاليف نقل الطالب من والى المدرسة.


(5)
وهناك الرعاية الصحية العالية التي بات المواطن اليمني يتلقاها بعد تحقيق الثورة ابتداء من تقديم المسكنات إلى العمليات الكبرى وسيارات الإسعاف المتطورة التي تصل إلى كل قرية وجبل, فكل من شعر بمرض أو تغير في حالته الصحية عليه الاتصال بالاسعاف وسوف يصله في لحظات وكذا الحريق وخدمات الطوارىء ووو... وهناك الأم الحامل و المرضع تقدم لها الحكومة الرعاية الصحية الفائقة وراتبا شهريا مقابل رعايتها وإرضاعها لطفلها.


(6)
أطلقت حكومة الثورة اليمنية خطة خمسية لتطوير وتعبيد الطرقات ومشروع سكة حديدية تربط جميع المحافظات واستحداث طرقات سريعة(الهاي وي) ربطت محافظات الجمهورية من شرقها الى غربها ومن جنوبها الى شمالها لتفادي مشكلة الزحام والتقاطعات ومشكلة حوادث السيارات, وقد تم إعادة رسم الشوارع بحيث ترتبط كلها بهذا الطريق السريع الذي يمر بجميع المحافظات دون تقاطعات فمثلا استطاع مزارعو الرمان في صعدة تسويق منتجاتهم إلى محافظة المهرة عبر الطريق السريع دون المرور داخل شوارع صنعاء أو ذمار أو حضرموت, وسميت جميع الشوارع الرئيسية منها والفرعية بأسماء معروفة باللغتين العربية والانجليزية ورقمت البيوت بارقام متسلسلة مما سهل على الزائر لاي مدينة الوصول الى قريبه أو صديقه او مبتغاه بكل سهولة ويسر وعلاوة على ذلك أدرجت خارطة الطرقات في يمن مابعد الثورة ضمن الخارطة الالكترونية الفضائية العالمية للاستفادة من الخدمات التي توفرها التكنولوجيا الحديثة كالدليل الالكتروني للطرقات الذي يقودك الى هدفك دونما عنا أو تعب وباللغة التي تريدها... هذا كله موجود في يمن ما بعد الثورة التي أطاحت بنظام علي عفاش.... ومعنا أيضا خدمات الحافلات الجماعية التي تمر عند رأس كل ساعة داخل المدن وبأسعار زهيدة جدا كونها شركة مدعومة حكوميا, وخدمات البريد لكل مواطن من خلال رقم بيته الذي سهل على ساعي البريد التعرف عليه وتم إحالة كل المعملات الى البريد الحكومي بما فيها المرتبات (الشيكات) تصل صاحبها الى بيته ومعاملات البطائق الشخصية وشهادات الميلاد والعقود وكل شي له صلة بالورقية يصلك الى منزلك عبر البريد كل يوم عدا الجمعة.


هذا حلم ليمن ما بعد الثورة لأن حكومة جيء بها من الشارع لا يمكن لها أن تتحول الى حكومة استبدادية ليس لان الشارع سوف يثور عليها بل لان القناعة قد تولدت لدى أفرادها بأن من جاء بها هو الشعب وعليها ان تعمل من أجل هذا الشعب الذي نصبها.