المشترك والمهمة القادمة

56

مع ما صاحب فترة تأسيس تكتل اللقاء المشترك في الفترة الماضية من التأكيد على ضرورة اصطفاف مكوناته لمواجهة غول السلطة الذي تنامى في سنوات ما بعد الحرب، إلا أن جملة اعتبارات ترى فيه نواة للكتلة التاريخية ومعها بقية القوى الوطنية الساعية للبناء وهي التي يجب أن تضطلع بما يعرف بالمهام التاريخية، وجبهة سياسية يناط بها الدور الوطني لاستئناف بناء الدولة اليمنية الحديثة، وهو المشروع الذي تعثرت دولة الوحدة في بنائه كما أخفقت في الدور ذاته سلطة ما بعد حرب 94 بكافة تحالفاتها الرأسية والأفقية، ما يجعل هذا التكتل اليوم بفعل  الثورة الشعبية الشاملة معنيا بهم بناء الدولة مع كافة شركائه بالإضافة للقوى الحية والفاعلة سياسيا واجتماعيا والناشطة مدنيا وحقوقيا، ويحسب لهذه الثورة أنها لمت شمل تلك القوى مهما أبدى بعض الأطراف تحفظه على هذا الطرف أو ذاك، إذ يظل الحوار أرضية مشتركة يشمل الجميع ولا يستثني احد، وهو ما يعول عليه للخروج مما يحيط بالبلد من أزمات وما يتهدده من مخاطر،

أمس الأول بدأ اللقاء المشترك مشاوراته لتشكيل مجلس انتقالي وقال أحد قياداته أن الإعلان عن المجلس سيتم في غضون الأيام القادمة، وهي الخطوة التي انتظرها الشباب في ساحات الثورة حين ظلت قيادات المشترك تعول على الحوار مع سلطة الأمر الواقع (نائب رئيس مكلف من رئيس خارج البلاد منذ أكثر من شهر)،  وفي ظل وساطات خارجية إقليمية ودولية، وسواء مضت أحزاب المشترك في هذا التشكيل أو توقفت لاستئناف الحوار مع السلطة خصوصا إذا ما تدخل الوسطاء من جديد، يظل الوضع الحالي في نظر الجميع بحاجة للخروج من دوائره الضيقة والمغلقة وصولا لما ستفضي إليه الثورة وفعلها التصعيدي لقطع دابر الوصاية الخارجية أو الإبقاء على رموز النظام الفاسدة التي ثار الشعب عليها،

من هنا تتضاعف المهمة على اللقاء المشترك وحلفائه - وهم في الغالب حلفاء ضرورة- مع عدم إغفال ما ستفرزه الظروف الراهنة في صفوف المؤتمر الحاكم وتقرير ما إذا كانت ستنبثق من صفوفه قوى تستوعب المرحلة القادمة بعقول مفتوحة على كافة الأطراف وأياد تمتد للتعاون مع الجميع وليس إلى المال العام والخزينة العامة، إضافة لضرورة فك ارتباطها بإمكانات الدولة كمصدر ثراء ووسيلة لتصفية حسابات شخصية وحزبية والتخلي عن المفهوم الذي يحصر الوطن في شخص رئيس الدولة واعتبار من يختلف معه عدو الثورة والجمهورية والوحدة، وإلصاق كل تهم الخيانة والتآمر بالخصوم، وهذا ما يسهل التقاء غالبية القوى وتسهيل عملية الاصطفاف الوطني الواسع في وضع المداميك الأولى للبناء، ومن ثم الشروع في مرحلة البناء نفسها وفق رؤى شاملة وواعية تراعي تحديات الظرف وتؤمن مصالح الجميع.

يدرك اللقاء المشترك وشركاؤه أهمية القضية الجنوبية بوصفها قضية سياسية بامتياز، وبالتالي وفقا لذلك الإدراك يتعين وضع إيجاد الحلول المناسبة التي من شأنها إرضاء الجنوبيين، وكذلك ما يتعلق بمشكلة صعدة وتداعيات الإخفاق الاقتصادي والتردي المعيشي والانفلات الأمني، وهذه هي ابرز الملفات الشائكة التي ينبغي أن توضع بعين الاعتبار في المرحلة القادمة.

مقالات الكاتب