عد (صالح) فإن المحاكمة العادلة تنتظرك

57

  أقف متعجباً أمام كثير ممن كنا نظنهم واعون لما يدور حولهم من دسائس ومؤامرات تحاول أن تفت في عضد هذه الثورة المجيدة ،التي نثق كل الثقة بأن الله سبحانه وتعالى سيخلد ذكرها في التاريخ ،وسيحكي عنها الآباء للأبناء والأحفاد، ذلك لما سطرته من ملاحم عظيمة ولما جمعت من فوارق وأحيت من أموات وأيقظت من ضمير.

أما  مصدر تعجبي فهو الأمور التالية:

أولاً: ما نسمعه الآن وسمعناه منذ أيام من تهليل وتكبير لما حصل من تفجير في القصر الجمهوري، والذي أودى أوكاد، بحياة علي صالح وعصابته، فهذا السلوك ليس من شيم الثوار الباحثين عن العدل والحرية، مهما كانت درجة الخصومة التي بيننا وبين عصابة علي صالح، فلا شماتة في ديننا وأخلاقنا، وما دفعنا للخروج في هذه الثورة، إلا الظلم الواقع علينا، فكيف نرضاه لغيرنا ؟ وما نريده لهذه العصابة الظالمة أن يقدموا لمحاكمة عادلة تتوفر فيها أعلى درجات العدل فلماذا نفرح إذا وقعت عليهم جريمة؟

ثانياً : إننا شعب انتفض  وقرر أن يمسك بزمام أمره بنفسه، وألا يقوده بعد اليوم ظالم أو مستبد، لكن البعض يريد أن يصورنا وكأننا شعب عاجز يبحث عن خصم ضعيف، حتى يستطيع التغلب عليه، وأننا شعب لا يعمل بأسباب النصر، وينتظر يد القدر لتصنع له ما هو واجب عليه   تحقيقه بإرادته وبنضاله

السلمي، ولو كنا كما يقولون، لما خرجنا إلى هذه الساحات ، ولبقينا في مساجدنا وبيوتنا ننتظر القدر أن ينزل صاعقة من السماء فتبطش بعلي صالح وعصابته ونحن لسنا كذالك ورب العزة، بل نحن شعب أبي لا يرضي الظلم والخنوع، ولأننا كذلك فقد قدمنا  الدماء والشهداء والجرحى والمعتقلين، طيلة أكثر من خمسة أشهر، وما زلنا على صمودنا وثباتنا حتى نبلغ الغاية التي نرجوها، ونحقق الأهداف التي خرجنا من أجلها .

ثالثاً: ما تلى حادثة القصر الجمهوري من هرج ومرج، عن حقيقة إصابة علي صالح وعصابته، وإن كانت  إصاباتهم بليغة أم طفيفة، وإن كان قد احترق 40% من جسد الرئيس أم70% ، واستطاع الإعلام الرسمي المريض ،وبمساعدة تصريحات البيت الأبيض والإعلام السعودي أن يجر بعض سياسيينا وإعلاميينا وللأسف الشديد، إلى هذا المربع لسحب الأضواء من ساحات التغيير وميادين الشرف والإباء ومنابر الحقيقة الساطعة ‘ إلى ساحات الأوهام والرهانات الخاسرة.

رابعاً: قضية عودة علي صالح إلى اليمن من عدمها .

أيها السياسيون ،أيها الإعلاميون، أيها الثائرون، أيتها الثائرات، في كل الساحات، تذكروا جيداً إننا عندما خرجنا في هذه الثورة العظيمة ، في كل المحافظات، قبل أكثر من خمسة أشهر ،خرجنا ونحن نعلم جيداً، أن علي صالح يعيش في عنفوان القوة والمنعة ،وكل الجيش والأمن بمختلف مسمياته  تحت سيطرته، وهو في صحته الكاملة ،ومع ذلك لم نتردد للحظة واحدة، وخرج الشباب إلى الساحات ليقابلوا الرصاص الحي بالصدور العارية، والتحق بهم جميع فئات الشعب وعاهدوا الله أن لا يرجعوا إلى بيوتهم إلا وقد أسقطوا هذه العصابة بكل مكوناتها، من أعلى رأسها، حتى (الصوفي والجندي والشامي واليماني) ما تحت أخمص القدم ، فلماذا اليوم نهتم إن كان مريضاً أم صحيحاً؟ أو إن كان سيعود أم لا ؟. إن عودته تعني أن تحقق ثورتنا أحد أهم أهدافها المنشودة ، ألا وهو محاكمته محاكمة عادلة، ليسير تبعاً لأسلافه وقرنائه ممن سبقوه على نفس الطريق .

 أيها الثوار الشرفاء الأحرار، لا تنسوا أن مواجهة العدو القوي عدة وعدداً ، لا تعني دائماً الهزيمة، كما أن مواجهة العدو الأضعف لا تعني دائماً النصر، فقد كانت الغزوة الوحيدة التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأقوى عدة وعتاداً هي غزوة حنين ومع ذلك قال الله عنها((ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئاً،وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)).

أيها الأحرار لايستدرجنكم خصومكم إلى تصوير ثورتنا على أنها انقلاب عسكري يستهدف رأس النظام فيكون نجاح هذا الانقلاب مرهون بمقتل الرئيس أو نجاته0كلا والله إنها ثورة من أعظم ما تكون الثورات وقف فيها الشعب اليمني أمام هذه العصابة ومعها كامل الجيش والأمن بكل مسمياته فسقط منا الشهداء والجرحى ماخفنا ولاتضعضعنا، أفنخاف اليوم وقد انضم معنا أكثر من ثلثي الجيش والقبائل و الوزراء والسفراء والنواب وأعضاء اللجنة الدائمة واللجنة العامة ومعنا دعاء العرب والمسلمين وشرفاء الغرب والشرق ومعنا قبل ذلك وفوق ذلك إرادة الله التي لاتقهر .أفبعد هذا أيها الشرفاء الأحرار يمكن أن نهتم إن عاد علي صالح أولم يعد ؟؟ كلا والله لن يشغلونا بهذه الترهات عن ثورتنا التي لم يبق أمامها إلا أن تقتلع ما بقي من ذيول عصابة صالح البائدة ثم تولي وجهها شطر بناء الدولة المدنية الحديثة ليعيش اليمنيون فيها عيشة تليق بشعب سطر في ثورته هذه أروع ملاحم الصمود والشموخ والإباء..فالثبات الثبات والصمود الصمود فإن النصر مع الصبر وإنما النصر صبر ساعة .قال تعالى ((حتّى إذا استيأسَ الرُسُلُ وظنّوا أنّهم قَد كُذِبُوا جَاءَهُم نَصرُنَا فَنُجِّـيَ مَن نَشَــاءُ ولا يُرَدُّ  بَـأسُــنا عَنِ القَومِ المُجرمين)).