الثورة فعل.. لا مطالبة

44

«الشعب يريد إسقاط النظام»، «الشعب يطالب بتشكيل مجلس إنتقالي». إنهار سقف المطلب وسقط الشعار، الثورة فعل تغيير لا جهة مطالبة، لم نثر لكي نطالب، الإرادة والقرار للثورة، لا أحد في الخارج يعطي ويمنح، لا طرف يملك، ما من آخر نطالبه أو نعاتبه.

اليمني أكثر الكائنات مُطالبةً ، حياته مناشدات، عرائض إستجداء، عروض ندب وبكاء، ضرورات ضارعة وحاجات لا تُسَد، أراده النظام «مُطَلِباً كما في لهجتنا الدارجة»، ماداً اليد واللسان، مفترشاً الوجه والكبرياء، في كل طريق / يقبل كف من سرقه/ ويطلب حقه صدقه/ فلا انقطع تعبه ولا توقف طلبه.

أين صلت قضيتنا تلك الجمعة ؟ بدت مصابة، بلا نهدين، مشلولة الحركة ، كسيحة الموقف كما لو أنها فقدت أطرافها، تهشمت جبهتها الحادة، واحترقت سحنتها الجادة، قوامها تهدم ، فقدت مظهرها المتماسك، شحب وجهها، بدت واجفه مرتجفة، تومي بإعياء وارتعاش، تتحدث بإرتباك، بلغةً واهنة مبهمة، يلفها الغموض، فقد القوم فيما يبدو أسنانهم في الانفجار، فمضوا يطلبون «العصيد» وقد شارفت « شِركَتهم « على النضج والاستواء.

النائب، لا شئ يمنحنا إياه سوى خوفه المسَور، لا تطلبوا منه حل مشكلة البلد، العودة من السبعين إلى الستين، رجعة إلى نقطة الصفر، دعوا الرجل يمارس غيبته الطويلة، لا شيئ خلف السور، سوى بناء يسكنه ذعرٌ هادئ مغلقٌ دون الريح الثائرة.

لا تطلبوا الوطن من السفير الأمريكي، تأشيرة العبور إلى ما نريد ليست بيد هذا السفير أو ذاك، الوطن داخلنا ليس بيد البعيد، نحن من يؤشر ويمنح الجواز، لا تدعوا دول الخليج لاتخاذ موقف حاسم، في وسعكم إحراجهم بلغة أكثر حسماً أخلاقيا هم ملزمون بموقف واضح.

لم تخلع اليمن صالحاً لتكتشف أنها في عصمة آخرين، لقد صير صالح هذا الوطن ساحة إحسان، جعلنا متسولين ومتسللين، هل نستجدي أشقائنا الصدقة الأخيرة ؟؟، هل نستحق هذه الإساءة من قادتنا ونحن نحسن الفعل والصنيع؟، ونرد إعتبارنا المهدر بهذه الثورة الفتية المباركة .

العمل السياسي التسولي لا يصنع الثورات ولا يقيم الأوطان, الأداء السياسي الفقير كارثة ماحقة للثورات، تهزمنا المطالبات وحق لثورتنا أن تفرض إرادتها وخياراتها بقوة, على الثورة أن تستمر في الغليان والاندفاع، ليعلو المد ويرتفع ليقوى ويشتد، وليغمر منطقها الهادر الجميع، لتأخذ بزمام المبادرة وتوجه كل التيارات لإزاحة وإزالة الحواجز والصخور والعوائق المتبقية، مع إدارك لما تتطلبه مرحلة الحسم, من توقد ويقظة وتعبئة وقدرة على فرض الخيارات، العمل السياسي يجب أن يكون التجلي الأكمل للمخاض الثوري الهائل.

يريد الثائر إنجازاً يحمل روحه ورائحته يريد أن يجد فيه مغامرته كاملة أخوف ما يخاف الثائر: أن يجد «مكان قلبه غير قلبه».

 

عن موقع يمن نيشن

مقالات الكاتب