نقطة التوقف هي نقطة البداية

40

النقطة التي توقفت عندها الثورة هي: نقطة مشروع تحولها إلى دولة، وان قلت لماذا هذه النقطة بالذات؟ سيكون الجواب البسيط، لأنه أصلا ما كنش في دولة.

 

 لا يوجد جيش مستقل ولا مؤسسات مدنية ولا قانون ، لذا يبدو ان على الثورة أولا خلق هذه الدولة ، وهذا لا يعتمد لا على المعارضة الرسمية" اللقاء المشترك" ولا على القوى الاقلمية" السعودية" ولا على الدولية " الولايات المتحدة" هذه المهمة هي مهمة شباب الثورة، و المجلس الانتقالي يجب ان يكون وليد الساحة.


ان كان المشترك في صنعاء أم في دبي أو القاهرة أو الرياض، لا يهم، المهم الآن ان تخلق الساحة قياداتها الجديدة، وتعلن تشكيل الدولة أو تعلن قيام النظام الجديد.


لأن هذه الساحة التي اعتصمت عند بيت النائب، مطالبه إياه بتشكيل مجلس انتقالي لم تكن تهدر وقتها في باب من لا شرعيه له، بل كانت تتحايل على من يريدون التحايل على الثورة بفرض شرعية الدستور، بالتالي وكما سيعلن وأعلن الشباب ان لم يعلن النائب عبد ربه منصور انه مع الشرعية الثورية فلا شرعيه له وتسقط شرعيته الدستورية.


فالشرعية الحقيقية الآن مع الثورة، ولن تكون هذه الشرعية مكتملة، إلا حين تجتمع كل الكلمات على كلمة واحده.


فاختلاف الساحة وانفضاض فكرتها السياسية يعرضها للإخلاء السياسي، بجعل صوتها غير مسموع، وليس على الشباب سوى جمع الكلمة مجددا، وإدراك أنهم هم فعلا من يقودون اليمن.


مهمة خلق الدولة، تعني ان تجتمع الساحة مره أخرى، تحت راية الثورة، وليس تحت راية السياسة، لان فرفاء العمل السياسي، بعد ان ظهر ولو شكليا أنهم مكلفين بقيادة المرحلة السياسية "بتشكيل مجلس" ظهر اختلافهم العميق الذي يمكن ان يتحول إلى صراع عقيم ، اخذ أسبوعين من عمر الثورة بعد رحيل صالح ولم يتم استلام السلطة وتحويل الثورة إلى دولة.


هذه الدولة تولد الآن في الساحة بشكل عملي، هناك مشروع حقيقي يعمل عليه الشباب، مصاغ بطريقة ناضجة وشاملة، تؤكد نضج الشباب السياسي، ومره أخرى على الحوثيين و المشترك و القبائل و الفرقة، العودة للساحة خلف الشباب، لان خروج الرئيس في رحلة علاجية أبدية، لم تعلن السعودية بعد انتهائها، قد جعلهم يسارعون في الانتفاض السياسي ليبدأ الخلاف، في الداخل بين الفرقاء الذين لم يجتمعوا لتشكيل مجلس، أو مع الخارج الذي يرد انتقال السلطة بطريقة الدستور، كتحايل على الثورة.


فانتقال السلطة بطريقة الدستور، يعنى انه لا توجد ثورة، وان الشهداء ماتوا، وان من في الساحات خرجوا في مخيمات كشفيه.


الثورة لا تطالب بالانتقال السلمي للسلطة، الثورة تنتزع السلطة، وهي وحدها مصدر الحق في حكم البلد، و الشعب هو مصدر السلطات، بحسب الدستور . وهو إذا الشرعية الدستورية، وتأتي الشرعية الثورية لتؤكد أنها استلمت الشرعية الدستورية.


الثورة مغامرة و عليها ان تنتهي من حيث تبدأ. والنقطة التي تقف عندها الثورة الآن، معرضة نفسها للجمود، هي النقطة التي عليها ان تلتقط فيها أنفاسها مجددا، وربما هي تفعل ذلك الآن و أصبحت مستعدة لبدء المرحلة الثانية.


مرحلة تحويل الثورة إلى دولة، ان نقطة الوقوف هذه التي حدثت، بعد قصف الرئيس، كانت هي ذاتها نقطة الانطلاق الجديدة للثورة الشعبية.


الثورة السلمية التي لا تحمل حقد شخصي على احد، ولا حتى على "علي عبد الله صالح" كما تتمنى له الشفاء، تطالب بالمحاكمات الثورية العاجلة و العادلة، ولكن لان من باب اللياقة السياسية، ان لا تطالب بمحاكمة شخص بين الحياة و الموت، أو بين يد الله "من يعلم غير السعودية" فان من باب الالتزام السياسي للثورة أيضا، ان تمضي في مشروعها حتى وان قدمت العزاء لأحمد علي عبد الله صالح فإنها لن تبارك له حكم اليمن.


لأن مضي مشروع التوريث بترقب دولي، ودعم سعودي، يعني أولا ان هذه الثورة سمحت للتوريث ان يحدث، وهذا عار سياسي، لا يمكن القبول به. إذا لا يمكننا التعويل على المشترك! ليس لان المشترك خائن و عميل فهذا كلام المنفعلين، ولكن لان المشترك يعمل وفق اطر السياسية وفن الممكن، أي انه يحاور ويناور، ويلتقي السفير الأمريكي، و يوجه نداء للنائب، و يتواصل مع الرياض، و هذا ما يحدث فقط أمام الاعلام، لأنه لا يستطيع إتباع وسائل أخرى، فليس له ان يقود انقلاب سياسي، فهو محكوم بقواعد السياسة، لأنه جزء منها.


لكن ليس للثورة قواعد، الثورة قوة تكسر القواعد، وتعيد بناء قواعد جديدة، الثورة هي من شقت الجيش نصفين ، وهي من ستعيده مؤسسة موحدة مستقلة، وهي من جعلت القبائل خلف كفاح سلمي، وهي من ستخرج المشروع المدني من داخل القبيلة وتعيد للقبيلة هيبتها الاجتماعية وتفصلها سياسيا، وهي من أقلقت المشترك وستعيد ترميم وجه السياسة اليمنية، وستخرج قادة جدد في المشترك، وأحزاب جديدة في اليمن.


وهي أيضا من صعدت الأمور و أخافت السعودية،هي من أفشلت المبادرة، وهي من ستعيد رسم علاقات الجوار بندية واحترام، وهي طبعا من أخرجت " صالح" وليس الصاروخ الشهير الغامض، وهي من تتمنى له الشفاء، وتؤكد انه لا حقد شخصي مع "المواطن علي عبد الله صالح"، ولكنها مصرة على محاكمة الرئيس وكل المتورطين في جرائم النظام.


الثورة الآن تحتاج فقط، ان تكمل صياغة مشروعها الذي يبنيه الشباب الآن، وان تمضي به في خطوات عمليه، و مره أخرى تجمع الفرقاء خلفها، وتعرف أنها لم تتوقف بعد، وأنها مستمرة.

 

  عن:   المصدر أونلايـــن

مقالات الكاتب