واقع قهر النساء في عصر الحداثة

ظاهرة العنف ضد المرأة شأنها شأن غيرها من الظواهر الاجتماعية التي تحتاج إلى معرفة حجمها الحقيقي, والوعي بالعوامل الموضوعية ونمط الحياة المعيشية, وذلك لفهم طبيعتها, وتحليلها في سياقها الاجتماعي, والكشف عن أسبابها, وذلك حتى يتسنى اتخاذ المعالجات الكفيلة للحد من تفشي العنف بأساليبه المتنوعة وصورة المختلفة لا سيما وأن هذا الموضوع كان ولا يزال يثير قلق واسع في أوساط الهيئات الدولية والمنظمات الحقوقية وكذلك مؤسسات المجتمع المدني حيث ستبقى الألفية الثالثة مبتورة ومشوهة, بما حققته من إنجازات تقنية, وما بلغته من تطور هائل على مختلف المستويات, مع ما يجري الحديث عنه في عصر الحداثة والعولمة, ما لم يسعى هذا التقدم إلى توجيه الإنسانية جمعاء نحو السلام والمحبة والعدالة, وينجح في القضاء على الممارسات التعسفية القائمة على التفرقة والتمييز والعنف الذي يقع على جزء من البشرية بسبب الجنس.. إذ ستظل مظاهر الهمجية العالقة والمترسخة في بعض المجتمعات علامة سوداء في تاريخ الإنسانية المعاصر ولما كانت هذه الظاهرة معقدة من حيث صعوبة حصرها, فإن ذلك ينعكس بالضرورة على استعصاء تحديد المرتبات الأكثر خطورة في كل من أنواع العنف الواردة في التعريف القانوني السابق باعتبار أن كافة أشكال العنف تترك أثرها السلبية الوخيمة على حياة المرأة وذلك على السواء.إن الحملات المجتمعية المناهضة للعنف ضد المرأة ظلت محدودة قياساً إلى حجم انتشارها في بلد مثل مصر , حيث تفشت فيها هذه الظاهرة خلف الجدران ووراء الحواجز, كما لا يتم في الغالب الإبلاغ عنها, وتبقى حبيسة واقع قهر النساء اللواتي يحكمهن الحياء ويأرسرهن الخوف, ويرسخ المجتمع بكل أطيافه ثقافة التسامح مع الرجل فيما يتعلق بحقوق المرأة.