حـوارات
نصر النقيب: نملك أدلة تُثبت علاقة علي محسن الأحمر بالإرهاب
في مقابلة صحفية اجراها مدير التحرير لجريدة شمسان الورقية التي تصدر في بريطانيا الزميل " نصر العيسائي " مع السياسي والمفكر الجنوبي الكبير الدكتور عيدروس نصر ناصر النقيب تحدث فيها عن الكثير من القضايا الهامة حول الملف اليمني بشكل عام والجنوبي بشكل خاص حيث دار الحوار وشمل اغلب القضايا الهامه .
وفي سؤال عن علاقة النظام اليمني بما يسمى الإرهاب تحدث عن ذلك بالقول أن النظام السابق بكل أركانه قد أقام علاقات قوية مع الجماعات الإرهابية في جميع المراحل مشيراً ان علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر كانا الأبرز في تلك العلاقات المشبوهة حيث ان الوثائق المتوفرة تدين علي محسن الأحمر بدعم وتمويل الإرهاب.
وفي سؤال عن اسباب فشل الجنوبيين في بناء قيادة سياسية موحدة أشار الى أن هناك أسباب فكرية وأسباب سياسية تكمن وراء أزمة القوى السياسية الجنوبية، فالأسباب الفكرية تتمثل في الأبوية السياسية، والأنانية السياسية.
وفي سؤال عن دور الحزب الاشتراكي اليمني تجاه الاحداث الأخيرة تحدث بالقول أن الأحزاب التقليدية في اليمن قد فقدت ديناميكياتها وحلت محلها ديناميكيات الزعماء والقدرات المادية والعسكرية.
وعن حل الاقليمين المطروح في الآونة الاخيرة كحل بين الشمال والجنوب تحدث وبإسهاب عن ذلك الحل وهناك الكثير من الأمور الهامة لا نطيل عليكم الحوار هام للغاية...
حاوره: "نصر العيسائي"
س1. كيف ترى المشهد السياسي اليمني والجنوبي على وجه الخصوص؟
ج. لا يمكن فصل المشهد السياسي في الجنوب عنه في الشمال إلا من حيث طبيعة المهمات والتحديات التي تقف أمام الطبقة السياسية في المنطقتين، في الشمال ما يزال الرهان قائما على الحل السياسي الذي يؤدي إلى استعادة الدولة المخطوفة من قبل الانقلابيين، الذين يبدون مراوغات ومخاتلات عند كل مرحلة، ولربما أنتجت لقاءات الكويت مخرجا معينا لكن مساحة التفاؤل ما تزال محدودة نظرا لما عرف عن تحالف الحوافش من تقلب في المواقف وتغييير التكتيكات تبعا لما يراهنون عليه من إحراز نجاحات في جبهات القتال التي لم تتوقف رغم الإعلان عن بدء التهدئة.
في الجنوب التحدي المحوري اليوم هو حل القضية الجنوبية باتجاه الاستجابة لتطلعات الشعب الجنوبي في استعادة دولته وتقرير مصيره المستقبلي.
من المؤسف أنه لا الشرعية ولا القوى الانقلابية يعيرون اهتماما لما يشهده الجنوب من ثورة بدأت سلمية ثم تحولت إلى مقاومة مسلحة لمواجهة الغزو الثاني وأبلت المقاومة الجنوبية بلاء حسنا في دحر الغزاة القدامى والجدد وتحرير عدد من المناطق المهمة بمساعدة التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، فالشرعية تعبر انتصار المقاومة الجنوبية انتصارا لها للعودة إلى صنعاء لاستعادة المبادرة والتحكم بمصير اليمن كما كان النظام السابق يفعل، والانقلابيون يعتبرون الجنوب ما يزال غنيمة حربهم السابقة التي حاولوا تكريس نتائجها في حربهم الثانية.
س2. ما رأيك في التغييرات التي أجراها الرئيس هادي في طاقمه القيادي وكيف يمكن لهذا أن يؤثر على مسار القضية الجنوبية؟
ج. ربما كان وجود نائب من مناطق الشمال أمرا مبررا نظرا لأنه من غير المنطقي أن يكون الرئيس ونائبه ورئيس الوزراء من الجنوب ويدعون أنهم يحاربون من أجل استعادة الشرعية خصوصا في ظل تنامي الثقافة الشطرية التي كرستها مفاهيم "الفرع والأصل" واستمرار ثقافة المركز المقدس التي تسيطر من خلاله مراكز القوى في صنعاء على كل مفاصل صناعة القرار، لكن اختيار الجنرال علي محسن لهذا المنصب يصب زيتا إضافيا على نار الصراع في الشمال، فهو يكرس مصالح قطاع صغير من العسكريين والطفيليين والتيار الإسلامي، بينما يستفز أطراف واسعة من القوى المدنية حتى من تلك التي واجهت الانقلاب وتصدت له، هذا بالنسبة للشمال، أما بالنسبة للجنوب فتعيين الجنرال علي محسن يمثل استفزازا كبيرا لكل القوى السياسية لأن الجنوبيين يرون في علي محسن نسخة أخرى من علي عبد الله صالح خصوصا عندما يتعلق الأمر باجتياح الجنوب وما عاناه الجنوبيون من نتائج تلك الحرب التي لا علي محسن ولا القوى التي يمثلها أظهرت أدنى قدر من الاعتذار للجنوب وأي درجة من الاستعداد للتراجع عما ما رسته من سياسات وما جنته من غنائم على حساب معاناة الجنوبيين ـ وبتعبير آخر أن من سعى لتعيين علي محسن نائبا للرئيس أراد أن يقول للجنوبيين إن اليمن لن يحكمها إلا شركاء حرب 1994م، وأن ننتائج الحرب لها الأولوية القصوى على ما سواها، وعلى الجنوبيين أن يشطبوا من خياراتهم أي تطلع للتعايش مع الشمال، وربما هذا ما تستحق الشرعية الشكر عليه، أما بالنسبة لتعيين أحمد بن دعر رئيسا للوزراء فهو يمثل أسوأ قرار اتخذه الرئيس هادي بعد نزوحه من صنعاء، لأن بن دغر شخصية غير مقبولة لا في الشمال ولا في الجنوب، وهو قد يبدو طيعا وخنوعا لفترة معينة لكنه مجرب في خذلان كل من عمل معهم بدءا بالرئيس علي سالم البيض والحزب الاشتراكي بعد عودته ممن النزوح القسري مرورا بعلي عبد الله صالح وأخيرا الحوثيين الذين لم يتورع عن تأييد انقلابهم على الرئيس هادي، وأسوأ ما في هذا الاختيار أن الرئيس استبدل شخصية تكنوقراطية ايس في تاريخها ما يلوثه من الارتباط بالصراعات والحروب بشخصية ذات سمعة أقل ما يمكن القول عنها أنها سيئة.
س3. كثيرون يتهمون علي عبد الله صالح وعلي محسن بأنهم من صنع الإرهاب ومن يرعى المنظمات الإرهابية، كيف ترى انعكاس وجود علي محسن في موقع نائب رئيس الجمهورية.
ج. المعطيات المعروفة لدى كل المتابعين للشأن اليمني تقول أن النظام السابق بكل أركانه قد أقام علاقات قوية مع الجماعات الإرهابية منذ السفر إلى أفغانستان في الثمانينات، وكانت حرب 1994م أحد أكثر أوجه الشراكة بينهما وضوحا، وتقول الوثائق المتوفرة أن علي محسن تولى ملف العلاقة من الأفغان العرب تدريبا وتمويلا وتنظيما وكانت معسكرات جبال المراقشة وحطاط في أبين تستلم تموينها وتمويلها من معسكر اللواء التابع للفرقة الأولى مدرع في أبين، وهو ما ينطبق على بقية المعسكرات التابعة للقاعدة وأخواتها في مأرب ومناطق الصحراء، هذا طبعا لا يعفي علي عبد الله صالح من المسؤولية وهو عمليا من يوجه ويدير التعامل مع هذه الجماعات، وقد تطورت هذه العلاقة أكثر فأكثر بعد اندلاع الثورة الجنوبية السلمية.
هذه الأيام يتداول الظرفاء بعض الرسائل التي تقول أن القاعدة أوقفت عملياتها بعد تعييين علي محسن، وهذا القول قد يكون من باب السخرية لكنه قد لا يخلو من حقيقة.
س4. ما هي أسباب الركود السياسي في الجنوب ولماذا في رأيك فشل الجنوبيون في بناء قيادة سياسية موحدة تعبر عن الشعب الجنوبي وتوصل همومه إلى العالم؟
ج. في نظري أن هناك أسباب فكرية وأسباب سياسية تكمن وراء أزمة القوى السياسية الجنوبية، فالأسباب الفكرية تتمثل في الأبوية السياسية، والأنانية السياسية، فالمعروف أن الشعوب تختار رموزها من الشخصيات التي تركت بصمات عظيمة وحاسمة في تاريخها ممن توفاهم الله، لكن الجنوبيين اختاروا رموزا لم يكتب في تاريخها نجاحات مشهودة، بقدر الفشل الذي رافق الكثير من تجاربها، وما يزال الكثير يتعامل معهم تعامل الأبناء الطيعين مع الآباء وتلك مشكلة فكرية، والأنانية السياسية تكمن في أن الكثير من التيارات السياسية التي تنادي بوحدة الشارع الجنوبي يريد مكل منها أن يوحد الجنوب على برنامجه السياسي فقط وتحت زعامته فقط وهذا لا يمكن أن يصنع مشتركات جنوبية كثيرة، بل تظل تلك التيارات سببا في تمزق الشارع الجنوبي مهما تغنت بوحدته وقضيته الوطنية.
هذه الأسباب لا يمكن فصلها عن العوامل السياسيية المتمثلة بالتنازع على الزعامات والخلط بين المرحلي والاستراتيجي، بين الرئيسي والثانوي وبين الضروري وغير الضروري، وبين العدو ، ومن ليس صديق وهو ما يشوش على الشارع الجنوبي الموحد أصلا عندما يتعلق الأمر بالقضية المحورية.
س5. كتبت كثيرا عن الجبهة الوطنية الجنوبية العريضة، لماذا هذا الإلحاج على هذا الخيار.
ج. خيار الجبهة الوطنية العريضة ليس بدعة وليس من ابتكاراتي بل هو تجربة نجحت في الكثير من البلدان، ومنها التجربة الفلسطينية وتجربة منظمة التحرير، والتجربة التشيلية في مواجهة فاشية بينوشيست، وأثناء الحرب العالمية الثانية كانت التجربة البلغارية وفي بعض بلدان أوروبا الشرقية ناجحة في مواجهة التحالف الفاشي النازي.
الجبهة الوطنية العريضة تمثل تحالفا سياسيا على أساس القواسم المشتركة، وفي الجنوب يعلن كل السياسيون أنهم مع حق الجنوب في أن تكون له دولة مستقلة بعيدا عن الاحتلال والتبعية تحت أي مسمى، لكنهم يختلفون على من يعبر عن هذا الحق ويقدمه للعالم، أتصور أن تحالفا عريضا يضم كل المتبنين لخيار استعادة الدولة الجنوبية وينظم كيفية العبور من وضع الاحتلال إلى بناء المنظومة الجنوبية الجديدة على أساس الديمقراطية والتعددية والحريات العامة والدولة اللامركزية يمكن أن يحمي الحركة السياسية الجنوبية من التشظي والتفكك، ويوحد طاقات الجنوبيين لتحقيق أهداف ثورتهم، وبالمقابل هذا التحالف لن يلغي استقلالية وتميز القوى والأحزاب والتنظيمات المشاركة فيه، نجاح هذا يتوقف عن مدى قدرة القوى السياسية الجنوبية على التحرر من نزاعات الماضي وصرف جهدها ونظرها نحو المستقبل والقبول بالتنوع الخلاق والتعدد والاختلاف المثمر والتباين البناء وليس التنازع والتنافس العدائي والتحريض المتبادل.
س6. يتهم الكثيرون الحزب الاشتراكي بالتخلف عن ديناميكيات التحولات السياسية في اليمن، ويذهب البعض إلى اتهامه بخذلان الجنوب والتخلي عنه، بينما يرى البعض أن الحزب الاشتراكي قد اختطفه تحالف الحوثي وصالح، ما تعليقك كقيادي في الحزب الاشتراكي على كل هذه الاتهامات؟ وكيف تنظر لدور الحزب الاشتراكي مستقبلا؟ في الجنوب أو الشمال؟
أولا: أشير إلى أنني وبسبب النزوح لم أعد أشارك في أي من الهيئات القيادية في الحزب الاشتراكي وما يصدر عني لا يعبر بالضرورة عن الحزب الاشتراكي بل هو تعبير عن رؤيتي الشخصية، التي قد تتفق وقد تختلف مع مواقف القيادات الحزبية في الداخل، وبالنسبة لسؤالكم لا بد من الإقرار أن الأحزاب التقليدية في اليمن قد فقدت ديناميكياتها وحلت محلها ديناميكيات الزعماء والقدرات المادية والعسكرية وحتى الالتفاف الشعبي يقوم على اللقدرات المالية والقبلية والعسكرية، والحزب الاشتراكي لا يمتلك شيئا من هذه المقومات، ولا أتصور أنه يطمح أن يكون له جناح مليشياوي أو قبائل يعبر عنها.
ثانيا: بالنسبة لقضية الجنوب الكل يعلم أن معظم قيادات الثورة الجنوبية لها أصول اشتراكية والكثير منهم ما يزال يحتفظ بصلاته بالحزب الاشتراكي، وشخصيا كنت ضمن مجموعة من الزملاء الذين تقدموا إلى الكونفرنس الحزبي الذي عقد في أواخر 2014م بمقترحات تهدف إلى إقامة نوع من الفيدرالية الحزبية من خلال حزب اشتراكي في الجنوب وآخر في الشمال يتولى كل منهما تبني المهمات في نطاق منطقة حضوره، ومؤخرا توجهت برسالة إلى قيادة الحزب تدعو إلى إقامة حزبين اشتراكيين مستقلين في الشمال والجنوب يمكن أن يحتفظا بأي شكل من أشكال التنسيق بينهما كالكونفدرالية أو حتى الفيدرالية لتميكن أعضاء وأنصار الحزب من المشاركة الفاعلة في معركة الجنوب من أجل استعادة الدولة، وتمكين أعضاء الحزب في الشمال من خوض المعركة مع المواطنين بعيدا عن الدفاع عن وحدة لم تجلب للجنوب ولا حتى للشمال إلا الويلات والحروب والضغائن والظلم والفساد والإقصاء والاستبعاد والمآسي المتواصلة.
أعتقد أن هذا الطريق هو الوحيد أمام الحزب الاشتراكي ليستعيد مكانته بين أنصاره والشرائح الاجتماعية التي يعبر عنها، ذلك إنه يستحيل الجمع بين مناصرة ضحايا الظلم في الجنوب والدفاع عنهم من ناحية مع استمرار التمسك بوحدة كانت السبب في كل ما يعانيه الجنوب، وكل من يتبنى هكذا موقف يمثل حالة صفرية يتساوى عندها طرفا مقارعة الظلم والاحتفاظ بأسبابه.
س7. يتردد الكثير هذه الأيام الحديث عن مشروع دولة اتحادية بإقليمين على طريق الاستفتاء اللاحق عن مصير الجنوب، كيف تعلق على هذا الطرح؟
ج. أتصور أن التعامل مع القضية الجنوبية من قبل المتحكمين في صناعة القرار سواء كانو الطرف الشرعي أو الطرف الانقلابي، ما يزال ينطلق من ثنائية المنتصر والمهزوم، فالطرفان ما يزالان يلعبان دور المنتصر في حرب 1994م التي هي الجذر الأساسي للقضية الجنوبية، ولذلك يعتقدون أنهم سيتصدقون على الجنوب ببعض الرشاوي وسيسكت الجنوب عن حقه، وبمناسبة الحديث عن الفيدرالية فقد كان مؤتمر القاهرة أول ما طرح هذه المبادرة وجاءت رؤية الحزب الاشتراكي في مؤتمر الحوار منسجمة مع هذا الطرح، لكن شركاء حرب 1994م الذي كانوا قد تقاتلوا في 2011م أعادوا توحيد موقفهم من هذه القضية، ولا أصدق انهم حتى سيقبلون بفكرة الفيدرالية الثنائية المزمنة، وإن قبلوا بها فسيضمنونها مضامين تحفظ لهم مصالحهم التي لا يمكن أن يتخلوا عنها.
لذلك فإنني أرى أن أي فيدرالية ثنائية أو حتى ثلاثية في نظري يجب أن تكون:
1. مزمنة بمعنى لفترة محددة يليها استفتاء الجنوب ليقرر مستقبله.
2. وضع نظام ثابت ودقيق للسلطات أي أن تضع حدودا فاصلة وواضحة بين صلاحيات المركز وصلاحيات الإقليم.
3. أن تكون بحدود 21 مايو 1990م بما في ذلك المضايق والجزر والمياه الإقليمية وأن لا تنتقص من حقوق الجنوب قيد أنملة واحدة.
4. أن يتمتع الجنوب (وطبعا الشمال) كل باستقلالية كاملة فيما يتعلق بالقضايا الأمنية والاستثمارية والمالية، وتحديد واضح لنصيب الإقليم والمقاطعات المكونة له من الثروات السيادية (المعدنية والنفطية والسمكية والزراعية والمائية) . . إلخ.
5. أن يكون الجيش والشرطة في كل إقليم من أبناء الإقليم وهذا ينطبق على المحافظات أو المقاطعات المكونة لكل إقليم مع الاحتفاظ بالقيادة المركزية الواحدة خلال فترة ما قبل الاستفتاء.