اقتصاد
النائب مايو: الوحدة خط أبيض وليست أحمر وهي فعل سياسي ومصلحة وليس صنما يقدس وللناس كامل الحق في تقرير مصيرهم
قال النائب أنصاف علي مايو إن عدن تسير في السياق العام و المدار الذي عليه كل المدن والمحافظات اليمنية ومثلها المدن العربية في هبة الربيع العربي، مؤكدا أن الثورة الشبابية أعادت الألق لعدن، مؤكدا تواصله مع قيادات الحراك ،وخاطبهم: تعالوا نتحاور كجنوبيين بلا سقف ، تعالوا نجتمع ويقبل بعضنا بعضا ونعترف بكل هذا التنوع والطيف السياسي الواسع في عموم الجنوب ، ونطرح كل المشاريع على الطاولة ونناقشها، قائلا أن الوحدة خط ابيض وليست صنم يقدس بل مصلحة للناس.
النائب ورئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن تطرق أيضا في هذا الحوار، إلى جملة من القضايا على الساحة فإلى التفاصيل.
عدن شكلت حضورا كبيرا في ظل الثورة الشبابية المطالبة بإسقاط النظام، البعض عدها مفاجئة نظرا لخصوصية النشاط والفعاليات التي كانت سائدة في الجنوب قبل قيام الثورة الشبابية، كيف ترى ذلك أنت؟
ما يحدث في عدن من ثورة شبابية وحراك سلمي ونشاط لمنظمات مدنية وحقوقية وندوات وفعاليات مختلفة ، كل هذا يعكس التعدد والثراء الذي تمتاز به عدن ، وانفتاحها على كل الثقافات ، ففي عدن نشط عمر طرموم ابن مدينة الوهط والذي التقى بمؤسس الإخوان المسلمين الإمام حسن البناء في مصر، وفي عدن كان الإمام البيحاني ، وأبو الأحرار الزبيري وأحمد محمد النعمان ، وعبدالفتاح إسماعيل وجار الله عمر وعمر الجاوي و محمد علي الجفري ومحمد علي باشراحيل ومحمد علي لقمان والشيخ محمد عبدالله المحامي وحتى أيوب طارش ومحمد سعد عبدالله ، ومحمد عبده زيدي، و الشاعر الفضول، ولاعب المنتخب العدني (الورقي)، كلهم عاشوا ونشطوا وتحركوا وأبدعوا من عدن ، عدن لقيم الإبداع والتحضر والتمدن والسلم والتعايش ، دعوا عدن تستمر بهذا التنوع وبكل هذه الألوان الزاهية والجميلة والتي تشكل بمجملها لوحة عدن المتميزة، دعونا نتحرر من الأنانية والإقصاء والعنف ، والتي كلها لا تنتمي لهذه المحافظة الجميلة.
ماذا عن انخراط عدن في الثورة الشبابية المطالبة بإسقاط النظام؟ كيف تقيم هذا الحضور؟
عدن في السياق العام في المدار الذي تسير عليه كل المدن والمحافظات اليمنية ومثلها مثل المدن العربية في هبة الربيع العربي، والثورة الشبابية ربما أعادت شيئا من هذا الألق لعدن ، لأن عدن كمدينة عانت من هذا النظام تدمير ونهب وتخريب وبسط وفساد ، من مصلحتها أن تكون ضمن الثورة المطالبة بإسقاطه.
نحن من هنا ندعو الجميع أن يعيدوا لعدن مدنيتها وحضارتها وسلميتها ، تعالوا نستعيد وجه عدن الحقيقي بعيدا عن العنف وقطع الطرقات وافتعال الأزمات وبث الشائعات وتخويف السكان المسالمين الطيبين، يكفي أبناء عدن ما عانوه من جراء الصراعات والاقتتال والنهب.
الجماعات المسلحة في أبين تسيطر على زنجبار ووصلت إلى الحوطة ثم انسحبت، وهي تهدد عدن؟
كل هذه من إفرازات النظام ، وهي أمور مفتعلة ، لإرهاب الناس والتخويف بأن الوضع لن يكون آمنا ولا مستقرا إلا بوجود واستمرار النظام، ومثل ذلك افتعال الأزمات التموينية لمعاقبة الشعب الذي خرج لإسقاط النظام، كلها في الأخير من صنيعة بقايا النظام، ودعني أطمئن الناس في عدن أن شيئا من هذا التهديد لن يكون له حقيقة وتواجد في عدن ، هذا أمر مفروغ منه ، وان شاء الله شدة وستزول ، وفاتورة التغيير قد قدمها الشعب في قافلة من الشهداء والجرحى والمرابطة والصمود في ساحات التغيير وميادين الحرية ، وهذه سنة جارية أن الشعوب هي المنتصرة.
رحبتم بلقاء القاهرة بينما لم نسمع هذا الترحيب للقاء بروكسل،لماذا؟
نعم رحبنا بلقاء الجنوبيين في القاهرة ، ربما لأن ما خرج به يتوافق مع رؤية اللقاء المشترك ، لكننا عندما أعلنا ترحيبنا كان ذلك الترحيب من حيث كونه لقاء وليس ما خرج به، وأذكر أننا أكدنا على احترام كل الجهود والرؤى الأخرى لكل الطيف الجنوبي، وقلنا لابد من لقاء (جنوبي جنوبي) للخروج برؤية تتضمن الحل للقضية الجنوبية دون إقصاء ولا تهميش وطرح كل الحلول على الطاولة ومناقشتها بالكامل بما فيها مطلب فك الارتباط.
يعني ليس لديكم موقف رافض لفكرة فك الارتباط والاستقلال والانفصال؟
تعالوا نتحاور كجنوبيين بلا سقف ، تعالوا نجتمع ويقبل بعضنا بعضا ونعترف بكل هذا التنوع والطيف السياسي الواسع في عموم الجنوب ، نجتمع في فضاء بلا سقف ، ونطرح كل المشاريع على الطاولة ونناقشها ، أنا هنا لا أحدد الحل للمشكلة في الجنوب، فمثل من يعتبر أن القضية الجنوبية بدأت من حرب 94م هناك من يرى أن المشكلة ممتدة إلى 1967م.
لكنك لم تجبني صراحة عن مطلب فك الارتباط ؟
فك الارتباط أو الاستقلال أو عدن للعدنيين أو ما يطرحه أبناء حضرموت بأن تكون حضرموت كدولة مستقلة أو إقليم في دولة اتحادية، كل الخيارات مفتوحة ، لا أحد وصي على الناس ، ولهم الحق في تقرير مصيرهم كما يريدون ، ولكن بإرادة جمعية دون قسر أو فرض أو إقصاء.
ليكن فك الارتباط أو الانفصال من قال أن لنا موقف ثابت محدد، أنا عندي الوحدة خط أبيض وليس أحمر، الوحدة عندي هي فعل سياسي ، وليس دين ، هي مصلحة للناس وليست صنم يقدس.
هل الانفصال يحقق مصلحة الجنوب، هل الانفصال له أفق سياسي، هل انفصال الجنوب سيحقق الاستقرار؟ّ تعالوا نلتقي، تعالوا نعترف يبعضنا أولا كقوى جنوبية موجودة في الساحة، تعالوا نستعيد قيم ومفاهيم حق الآخر وأدب الاختلاف ، لكنني عندما استمع إلى قيادي يتحدث عن المسلحين الذين يشردون النازحين في أبين ويقول هؤلاء جنوبيون ، أي أن العنف والفوضى والتشريد بضاعة جنوبية ،هذا معناه أننا نؤسس للعنف، عندما تحاول إلغائي من الساحة وتعتدي على تواجدي وجماهيري وأنصاري ، هذا لا يعني أننا نسير إلى وطن للتعايش ، لا نؤسس لدولة قابلة للحياة ، بل للاحتراب والتناحر والإقصاء وبالتالي إعادة إنتاج الماضي من جديد ، تاريخ الإقصاء والصراعات والشمولية.
هناك من يطرح في الجنوب فكرة الحزب الشمالي والحزب الجنوبي ، ومن ذلك يعتبرون حزبكم الإصلاح ذو أصول شمالية، وبأنكم مجرد تابعين للمركز ولا رأي لكم؟
هذه مشكلة كبيرة في التفكير، والمصيبة أنهم يسوقون مثل هذه المفاهيم المغلوطة ويقنعون أنفسهم بها ويبنون عليها قرارات، الحزب والحركة والمؤسسة المدنية وقيم الدولة والأنظمة حتى الشركات والمصانع، كلها غير مرتبطة بالمكان ، بالجغرافيا، كلها معارف عالمية، لكل الناس بمختلف مناطقهم وألوانهم .
هؤلاء لأن مشكلتهم مع الجغرافيا ، فإنهم يضعون كل شيء في قالب هذه الجغرافيا ، ويقيسون كل شيء بخطوط الطول والعرض، هذه مشكلة في التفكير.
كل هذه الأفكار وكل النظريات والأحزاب هي امتداد لفكر عالمي أو قومي ، من الأحزاب الإسلامية إلى الاشتراكية والبعثية والناصرية وحتى العمل النقابي، واعتقد هذا كلام مفروغ منه وهو عبارة عن تخبط ودليل عدم هداية.
انتم في قيادة الأحزاب في المحافظات مجرد تابعين ولا قرار لكم؟
من يقول هذا، أنا رئيس الإصلاح في محافظة عدن ، ورحبت بلقاء القاهرة قبل أي موقف يصدر من صنعاء ، ثم تبعني الأستاذ محمد السعدي الأمين العام المساعد للإصلاح، أنا قلت قبل يومين أن خطاب علي عبدالله صالح بذكرى 7يوليو المشئومة يعد استفزازا لمشاعر الجنوبيين، وقبل أن يصدر أي تعليق من صنعاء، كلنا يستمع إلى قيادات الإصلاح في حضرموت في الضالع وفي كل المحافظات.
دعني أقول لك حتى هذه الأفكار التي تقال من هذا القبيل هي انعكاس لنفس العقدة التي تتحدث عن الحزب الشمالي والحزب الجنوبي، نفس المشكلة ، عقدة النظام وعقدة المركز ، وفكرة الارتباط الذي يجب أن يتم تفكيك روابطه بصنعاء.
هل لديكم لقاءات وتواصل مع قيادات الحراك؟
نعم نتواصل معهم ونلتقي ، بين الحين والآخر، ومن مصلحة الجنوب أن نلتقي ، من مصلحتنا جميعا أن يكون بيننا تواصل ولا نسمح للقطيعة أن تتجسد فيما بيننا، الحراك قوة موجودة في الساحة ، الحراك بكل مكوناته وتعدد هيئاته ، ومشاريعه المطروحة، ونحن كأحزاب موجودون ، الإشتراكي والرابطة والناصريين والبعثيين وجبهة التحرير وحزب التحرير والمنظمات والجمعيات الحركات دون استثناء، لا يوجد فيتو أو قرار على أحد طالما هو مؤسسة مدنية ونشاطها سلمي، وهذا التعدد هو ثراء للمجتمع.
أنا كإصلاح موجود وعندي قواعدي وجماهيري وأنشطتي، يستحيل أن تلغيني ، ومن الجهل والحماقة أن تتجاهلني كما لا يمكنني أن أتجاهلك أو ألغيك ، الإلغاء والتفرد .. الإقصاء والتهميش وعدم ترميم البيت من الداخل وغياب التسامح والتصالح هو الذي جعلنا نهرول بلا فرامل إلى الوحدة الاندماجية ، وهو الذي جعل الجنوب خارج المعادلة في 94م وهو ذات التفكير عند البعض اليوم ممن يريدون السير في نفس المنحدر بلا بصيرة.
ما الحل برأيك؟
انظر معي نحن ذهبنا عام 90م إلى الوحدة ، بلا ضوابط ، بلا ضمانات ، دولة بمساحة أكبر وسكان أقل، واندمجنا مع سكان أكبر منا بأضعاف كثيرة ومساحة أقل منا بكثير ، بلا تصالح ولا تسامح.
حتى ونحن نتوجه إلى صنعاء كان هناك شرط بضرورة أن يغادر علي ناصر محمد صنعاء إلى خارج الوطن، كما أن الجنوب تخلى عن الجبهة الوطنية التي كانت حليفا له في الشمال، حدث كل هذا بينما وجدنا الطرف الأخر في صنعاء كان يوسع من قاعدة تحالفاته، فجاءت حرب صيف 94م المشئومة وهذا حال الجنوب ، واليوم هناك من يصر علينا أن نسير بنفس الأدوات ونفس التفكير، ونفس التفكك والإقصاء والتناحر.
كأنك تشير إلى إعلان دولة جنوب السودان اليوم؟
جميل، هذا نموذج إذا نظرنا إليه ، تعال ننظر كيف سار، وإلى أين وصل، جنوب السودان أدار حوارا واسعا لكل الجنوبيين وطرحوا مطلبهم الذي هم جميعا متفقون عليه، استطاعوا إقناع كل الجنوب بالقضية ورؤيتهم للحل بل وأقنعوا المجتمع الدولي وحتى شمال السودان التي كانت أول جمهورية تعلن اعترافها بدولة الجنوب.
استطاع الجنوبيون إقناع قطاعات وقيادات وأحزاب في الشمال بحقهم في تقرير المصير، الترابي وهو مفكر إسلامي كبير يؤمن بأستاذية العالم، دافع عن حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم ، وهنا تصدم عندما تستمع إلى البعض وهو يرفض حتى نسج علاقات مع منظمات حقوقية وشخصيات لمجرد أنها تنتمي إلى هذه الجهة.
يريد أن يخاطب العالم ويقنعهم بقضيته ويرفض حتى مخاطبة المحافظة القريبة منه لمجرد أنها تنتمي إلى الجهة الأخرى، يتحدث بعضهم بأسلوب غريب، كأن يقول أن الثورة الشبابية لإسقاط النظام ، لا تعنيهم والبعض يذهب إلى معاداتها ويقول أن الغرض منها إسقاط الحراك، أمور غريبة بالفعل والأسف أنها قد تصدر من قيادات.
هذا يقودنا للسؤال عن سبب كل هذه الهجمة الشرسة على الأحزاب وخصوصا حزب الإصلاح؟
المنشورات التي توزع وتطرح في الشارع ومنها العبارات وحتى الكتابة على الجدران والتي تستهدف الأحزاب وقياداتها ورموزها أنا أعتبرها من مطبخ النظام ، لا يمكن أن تكون من مطابخ جهات معارضة أخرى كالحراك أو الأحزاب أو الجماعات أو المنظمات والأفراد.
منطقيا ليس هناك من مصلحة لجهة غير النظام في مهاجمة الإصلاح اليوم، هذه هي الحقيقة إلا إذا كانت هذه الجهات الأخرى مخترقة أو فاقدة للبصيرة، نبش القبور والتذكير بالماضي واستدعاء مواقف داحس والغبراء وحرب 94م والفتاوى ، كلها ليس من مصلحة الجنوب إحيائها اليوم ، لأنك وأنت تذكيها اليوم إنما تفتعل عداوة مع قطاع كبير من الناس هم أصلا جنوبيون وموجودون بقوة وكثافة في كل شبر من الجنوب.
تقصد الإصلاح؟
أقصد الإصلاح وكل المكونات، أنا انتمي إلى هذا الحزب إلى هذا الفكر إلى هذا المكون ، هذا حقي الإنساني وهذه قناعتي، وأنا موجود وعندي جمهور وأتباع وأنصار وأعضاء في كل قرية ولي فروع في كل مديرية ومركز انتخابي ، لماذا تجعلني عدو وخصم ، كيف ستمضي إلى هدفك ومشروعك من دوني ، هذا مستحيل، إذن تعال نجلس ونتحاور ونتفق ونخرج برؤية تجمعنا وتمثل الحد المطلوب لتوافقنا.
إلى أين تسير الثورة برأيك؟ وعلي عبدالله صالح عاد إلى الواجهة من جديد؟ هل سنعود إلى نقطة البداية؟
النظام ظل يردد أن التاريخ لن يعود إلى الوراء، ونحن نؤكد أننا لن نعود إلى مربع الصفر، الوضع تغير ونحن والشعب والشباب قد تقدمنا خطوات كبيرة ، الوضع تغير والثورة لن تعود للخلف، والظهور الأخير للرئيس لن يغير من حتمية استمرار الثورة ومضيها حتى آخر المطاف.. لكنها وسائل من الخارج والداخل معا للضغط والتأثير على الثورة وأهدافها ومحاولة لاستغلال علي عبدالله صالح حتى آخر نفس، لكن كما أسلفت ، الثورة ثورة شعب خرج من أجل العيش الكريم والدولة المدنية الحديثة، وإرادة الشعوب هي المنتصرة، لأنها تحمل القيم وتهدف للخير ولهذا سيكون النصر حليفها بإذن الله.
* ينشر بالتزامن مع الأمناء