حـوارات
ناصر:نحن في الأول والأخير مع الخيار الذي يرتضيه الشعب في الجنوب
أكد علي ناصر محمد الرئيس السابق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بأن ال30 من نوفمبر1967م تحقق بفضل التضحيات الغالية وقوافل الشهداء من أجل حرية واستقلال الجنوب الحبيب وتحريره من الاحتلال البريطاني.. مشيراً إلى ان الاستقلال الوطني يحمل ذكرى ومعاني عظيمة والناس يحنون اليها خاصة بعد أن فقدوها.. داعياً الحراك الجنوبي إلى احترام هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعاً.. وأوضح الرئيس علي ناصر محمد في حوار أجرته معه«26سبتمبر»بمناسبة احتفالات الوطن بالعيد ال45 للاستقلال المجيد ال30 من نوفمبر جملة من القضايا الوطنية المهمة وفي مقدمتها الحوار الوطني وقضايا الساعة الملحة التي تحدد مصير حاضر ومستقبل اليمن وأجيال الحاضر والمستقبل.. فإلى محصلة الحوار:
{ بعض السلبيات كانت قاتلة.. وما زال شعبنا في الجنوب يدفع ثمنها حتى اليوم ومنها نوازع التطرف
{ أخطاء وخطايا ارتكبها الذين أداروا دولة الوحدة.. وكان يفترض بالجنوب أن يستعيد وحدته الوطنية
{ تجربة الجنوب تركزت في ارساء الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات الضرورية للمجتمع
{ نرفض الصراع المذهبي والطائفي وبالمثل نرفض الصراع في الجنوب
حاوره: طاهر العبسي :نائب مدير التحرير
العيد الوطني ال45 للاستقلال ال30 من نوفمبر67م مناسبة خالدة في تاريخ شعبنا المعاصر.. ماذا يحضركم القول بهذا العيد العظيم؟
>> بداية نترحم على أرواح شهداء حرب التحرير والاستقلال المجيد، وبهذه المناسبة نتوجه بخالص التهاني القلبية الحارة إلى شعبنا، وإلى الاخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية وكافة المناضلين الذين قدموا التضحيات الغالية وقوافل الشهداء من أجل حرية واستقلال جنوبنا الحبيب وتحريره من الاحتلال البريطاني حتى تحقيق النصر في 30نوفمبر 1967م وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية برئاسة المناضل قحطان محمد الشعبي.
دولة قوية
> في ال30 من نوفمبر الحالي يحل العيد ال(45) للاستقلال.. وهناك من يحضر لاحتفال مليوني في الجنوب بهذه المناسبة.. ترى ما الذي بقي من الاستقلال العظيم حتى يحتفل به الناس؟
>> للاستقلال الوطني ذكرى ومعانٍ عظيمة، فمجرد التحرر من الاحتلال البريطاني وتوحيد السلطنات والمشيخات في دولة واحدة قوية والانجازات التي حققتها هذه الدولة محلياً واقليمياً ودولياً، كل هذا وغيره لا يمكن التقليل منها، والناس الذين عاشوا هذه الفترة أو الذين جاؤوا بعد ذلك لازالوا يذكرونها بالخير ويحنون إليها خاصة بعد أن فقدوها، ونحن ندعو كافة قوى الحراك لاحترام هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعاً وأن لا تتحول هذه المناسبة إلى مثار للخلاف والاختلاف بينهم مهما تباينت وجهات النظر أو مواقع الاحتفال.
مصالح الشعب
> لكن ألم يكن للتجربة التي قامت بعد الاستقلال سلبياتها أيضاً ؟
>> بالتأكيد.. فهي تجربة إنسانية شأنها شأن التجارب الإنسانية الأخرى، فقد كان لها ايجابياتها كما كان لها سلبياتها.. بعض السلبيات قاتلة بكل أسف ومازال شعبنا في الجنوب يدفع ثمنها حتى اليوم وتتمثل بدرجة أساسية في نوازع التطرف والمزايدات التي ظلت سمة مصاحبة للتجربة في أغلب مراحلها عند البعض والتي لم يكن لها علاقة بمصالح الشعب حتى وإن ارتدى اصحابها مسوح الثورية، وقد تأثرت بعض القيادات بتنظيرات بعض العناصر الفلسطينية التي جعلت من اليمن الجنوبي حقلاً لتنظيراتها التي ليس لها علاقة بواقعنا فاوقعوا التجربة في صراعات تارة باسم اليمين الرجعي واخرى باسم اليسار الانتهازي وثالثة باسم اليمين الانتهازي.. وكانت النتيجة ان أكلت الثورة أبناءها والسلطة أكلت رجالها.
هروب
> هل تلمح سيادة الرئيس على أن الجنوب دخل إلى الوحدة وهو في حالة ضعف، وأن ما حدث بعد ذلك من الانفراد بالجنوب واخرجه من الشراكة الوطنية في الوحدة كان بسبب ذلك؟
>> إلى حد كبير.. نعم، بالاضافة إلى أخطاء وخطايا أخرى ارتكبها الذين أداروا دولة الوحدة، وكان يفترض بالجنوب أن يستعيد وحدته الوطنية بعد هذا الصراع الذي مر به الجنوب منذ 1967م وما بعدها. وقبل الوحدة دعونا إلى حل صراعات الماضي جميعها، ولكن تلك الدعوة لم تلق الاستجابة من اخوتنا لسنوات لاحقة برغم تكرارنا لها واستعدادنا لتقديم ما يلزمها لكي تنجح.. كان الجنوب سيزداد منعة وقوة بتحقيق تلك المصالحة بدلاً من الركض إلى الوحدة بدون تبصر عميق ثم الهروب منها أيضاً بدون دراسة ولا تفكير بالنتائج.. والذي دفع الثمن في الأخير هو الشعب في الجنوب.
قلعة رأسمالية
> فلنعد إلى السلبيات التي رافقت التجربة في الجنوب، أشرت إلى خطر التنظيرات اليسارية الواردة من الخارج، ألم يكن لها صدى ومروجون في الداخل أو حتى أدوات؟
>> بالطبع.. وإلا لما حققت أهدافها.. البعض بوعي وآخرون بدون وعي انساقوا وراء تلك الشعارات وجعلوا منها سلاحاً في تأجيج الخلافات التي سرعان ما تتحول الى خلاف.. بعض المزايدات كانت شكلية وأحياناً مضحكة كالاعتراض على إقامة «النوافير» في بعض الجولات (الدوارات) في عدن، أو الاعتراض على مستوى ارتفاع فندق عدن في خورمكسر من فئة الخمس نجوم والقول عنه بأنه قلعة من قلاع الرأسمالية، أو انشاء مجمعات استهلاكية في المعلا وخور مكسر والشيخ عثمان والبريقة واعتبر ذلك من مظاهر النمط الاستهلاكي الخليجي، أو كما اعتبر استخدام المكيفات في مدن شديدة الحرارة والرطوبة كعدن من مظاهر «البرجزة»، وكذلك التلفزيونات الملونة بل إن البعض كان يزايد على استخراج النفط من قبل «شركة أجيب الايطالية» في شرمة بحضرموت ولماذا لم يستخرج ايام الرؤساء قبلك!
المؤسف أن البعض كان يصدق نفسه حين يقول مثل هذه الأمور فحتى النظام الاشتراكي يستهدف في الأخير رفاهية المواطنين وتوفير افضل مستوى من المعيشة لهم.. وهذا شأن اي نظام اجتماعي في العالم، وعندنا في الجنوب كنا نجتهد لكي نحقق الحد الأدنى من متطلبات السكان المعيشية، وهذا ما استطعنا تحقيقه الى حد ما.
تجربة الجنوب
> كثر الحديث عن قلة موارد الدولة في الجنوب بعد الاستقلال، لكن ألم يكن موقع عدن الاستراتيجي والسمعة الدولية التي اكتسبها ميناؤها الدولي كمنظقة تجارة حرة كافيين كموارد؟
>> قلة موارد الدولة في الجنوب كان حقيقة، فلم نكن نملك نفطاً ولا غازاً كما هو الحال اليوم، ولكن حتى تلك الموارد على قلتها كنا نوظفها خير توظيف في التنمية، كما كنا نستخدم القروض والمساعدات الدولية في اماكنها الصحيحة بشهادة منظمات الأمم المتحدة، واتفق معك على الموقع الاستراتيجي المهم لعدن، والسمعة الدولية لها كميناء عالمي ومنطقة تجارة حرة وكان يمكن الاستفادة من هذه الميزات في توفير مصدر دخل يرفد ميزانية الدولة برافد مالي مهم، ولكن بكل أسف حالت بعض الظروف الموضوعية والاحداث في المنطقة دون ذلك كاغلاق قناة السويس بعد حرب حزيران (يونيو) 1967م ونشوء موانئ منافسة، ناهيك عن المواقف السياسية تجاه النظام في عدن، كل هذا وغيره حال دون الاستفادة القصوى من امكانيات موقع عدن الاستراتيجي ومينائها الذي ندفع بين الحين والاخر ثمن هذا الموقع الاستراتيجي المهم.. كما انه لا يمكن الاعتماد على مصدر واحد للثروة او الدخل.
بناء الدولة
> لا يستطيع أياً كان انكار جهودكم الوطنية في ايجاد دولة النظام والقانون في الشطر الجنوبي (سابقاً) هل في اعتقادكم بالامكان تكرار هذه التجربة اي دولة النظام والقانون على مستوى اليمن عموماً ؟!
>> لا ادعي انني صاحب الفضل الوحيد في ذلك، بل كان معي اخوة شاركوني المسؤولية في الوصول الى مثل هذه الدولة ويجب الاعتراف لهم بالفضل وتقدير جهودهم في هذا الشأن، كما كان لتأييد الجماهير والتفافها حول التجربة دور في ارساء هذه الدولة كما انني عندما وصلت الى سدة الحكم الاولى استفدت من سلبيات وايجابيات الذين سبقوني واجرينا عملية مراجعة لتجربة السنوات الماضية قبل عام 1980 دون ان يكون ذلك تراجعاً عن توجهات النظام، اهم ما حققناه على هذا الطريق هو الامن والاستقرار وتوفير الغذاء والسكن المناسب والتطبيب والتعلم المجاني للناس في الجنوب الذين لايمكن بدونهم احداث أي تنمية، كما قمنا بعملية تأهيل وتدريب لعدد كبير من الكوادر المدنية والعسكرية في الداخل والخارج اضافة الى الانفراج على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، وهذا لا يعني انه لم يكن هناك من له وجهة نظر مغايرة لتوجهنا وهذا امر طبيعي في اي نظام سياسي.. ولكن الشعب في الجنوب في اغلبيته كان يدعم هذا التوجه لانه ينسجم ويستجيب لمصالحه الوطنية والحياتية.
هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان بناء الدولة في الجنوب تم عبر عملية تراكمية طويلة فقد اورثت لنا بريطانيا عند خروجها من الجنوب وانهاء احتلالها له جهازاً ادارياً ونظاماً مالياً ومحاسبياً متطوراً ونواة جيش وامن ومؤسسات اقتصادية وبنكية وعملة خاصة اعتمدنا عليها في اعادة بناء الدولة الجديدة بعد الاستقلال بالرغم من بعض الاخطاء والدعوات التي كانت تطالب بتدمير جهاز الدولة القديم وتصفية الجيش والامن التي وجدت بعض الصدى ففقدنا عدداً لابأس به من افضل الكوادر المدنية والعسكرية التي هاجرت واستفادت من خبرتها بعض الدول المجاورة لكننا سرعان ما اوقفنا هذه العملية كما رفدنا الجهازين الاداري والعسكري بمكونات وكوادر وطنية جديدة والتي لعبت دوراً كبيراً في ارساء نظام الدولة والقانون بالاضافة الى التشريعات والقوانين التي ترسخ مبدأ المساواة وتحقيق العدالة بين جميع المواطنين، وتحقيق عملية التنمية، والامن والاستقرار ..
أمثلة حية
> هل يمكن سرد بعض الأمثلة على ذلك ؟!
>> ربما يكون ضرب الامثلة هنا مفيداً على مدى ما حققته هذه المسألة من نجاح وعلى مدى احترام وامتثال المواطنين للنظام والقانون، المثال الاول ، انه على مدى قرابة عشرين عاماً من عمر تجربة الدولة في الجنوب لم تسجل حالة ثأر واحدة منذ اعلان الصلح العام بين القبائل في عهد الرئيس قحطان الشعبي المبرم لمدة عام واحد فقط ومع ذلك التزم به الجميع قرابة عقدين كاملين دون الحاجة الى تجديده حتى اعلان الوحدة، وهذا دليل على ان الناس يريدون السلام والخير لهم ولبلادهم وهو ما نفتقده الآن.
المثال الثاني: ان سيارة شحن لاحد المواطنين تعرضت لعطل في المحفد بمحافظة أبين وهي منطقة غير آمنة في السابق لصعوبة الطريق، وتركها صاحبها في نفس الموقع وعاد إليها بعد عشرة أيام تقريباً فوجدها في نفس المكان الذي تركها فيه وبكامل حمولتها من القمح والأرز دون ان يتعرض لها احد.
المثال الثالث: اتذكر أن احد المواطنين في غيل بن يُمين بحضرموت اخذ يصرخ ونحن في مهرجان جماهيري وهو يشير نحوي: «مظلوم.. مظلوم يا رئيس !! بعد نهاية المهرجان دعوته وسألته عن مظلمته وكنت اعتقد انه تعرض لظلم شديد من الاجهزة المحلية.. ولكني فوجئت عندما قال لي انه يطلب السماح باطلاق عشر طلقات فقط احتفالاً بزواج ولديه والشرطة المحلية لا تسمح بذلك تطبيقاً لنظام عدم اطلاق الاعيرة النارية.. فما كان مني إلا ان أمرت قائد حراستي ان يعطيه رشاشه ومعه خمسون طلقة لكي يحتفل بعرس ولديه وقد طار الرجل من الفرح وأخذ يهتف بحياة الثورة والنظام وعاشت العدالة واعاده بعد الحفل الى قيادة الشرطة في المركز. انظر الى أي مدى هو التزام الناس عندما يجدون النظام والقانون وانه يسري على الجميع دون استثناء ولا محسوبية، وانه سن لتحقيق مصالح الجميع حتى على بعد800 كلم من عدن في اقصى الصحراء. ولنا ان نقارنه بما يحدث اليوم!
المثال الرابع: وقد يكون هذا المثال هو الابلغ على مدى التزام الناس بالنظام والقانون فقد بلغ نظام اصلاح السجون في الجنوب حداً سمحنا فيه للمساجين الذين يبدون حسن السيرة والسلوك الذهاب في اجازة يومي الخميس والجمعة لزيارة أهاليهم بدلاً من ان يأتوهم لزيارتهم.. ولم يشهد تطبيق هذا النظام سوى حالة فرار واحدة تم ضبط واعادة صاحبها إلى السجن.. كما جاء ترتيب أحد مساجين السجن المركزي في عدن الأول على الثانوية العامة في الجمهورية في إحدى السنوات واسمه ناصر صالح جبران وكرمناه في عيد العلم واعفيناه من قضاء بقية محكوميته تقديراً لتفوقه.. كان سجن المنصور قد تحول إلى مركز لتأهيل المعتقلين في عدة مهن كالنجارة، والحدادة، والكهرباء، والبناء بالاضافة إلى إتاحة الفرص لمن يرغب منهم في مواصلة الدراسة والتعليم..
وعودة إلى سؤالك وإن اطلت عليك في الاجابة، كنا نأمل أن تتم الاستفادة من تجربة بناء دولة المؤسسات والقانون في الجنوب لبناء دولة اليمن الواحدة ان يؤخذ بأفضليات تجربة الشطرين لكن هذا لم يحدث بكل اسف وجرى إعادة انتاج نظام ما قبل الدولة وتقويض اسس الدولة الجنوبية وتحطيم مؤسساتها.. نعتقد ان بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات والمواطنة المتساوية ودعم المجتمع المدني أمر ملح لاحداث التغيير الذي طالبت به ثورة شباب التغيير السلمية للتأسيس لمرحلة تاريخية جديدة في اليمن شمالاً وجنوباً.
باختصار كان القانون ينطبق على الجميع صغيراً أو كبيراً وهي الميزة التي تمتعت بها تلك التجربة، "فعندما يصلح الرأس يصلح الناس".
القضية الجنوبية
> من خلال رؤيتكم السياسية المتزنة التي تحظى باحترام كبير من قبل الشعب اليمني في الجنوب والشمال.. كيف تفسرون مضامين القضية الجنوبية وخيارات الحل؟!
>> هناك اليوم اعتراف متزايد سواءً على المستوى الوطني أو على المستويين الاقليمي والدولي بأن هناك قضية جنوبية عادلة، وان هذه القضية ينبغي ان تجد حلاً عادلاً لها يرضي الشعب في الجنوب ونحن مع الخيار الذي يرتضيه الشعب في الجنوب سواء بالوحدة أو الفيدرالية أو فك الارتباط ..
مشروع قديم
> لكن البعض يقول أو يخشى ان يكون مشروع الفيدرالية الذي طرحه مؤتمر القاهرة والمكونة من إقليمين شمالي وجنوبي خطوة نحو الانفصال خاصة أنها مشروطة بفترة خمس سنوات يعقبها استفتاء لشعب الجنوب ؟
>> فكرة الفيدرالية من إقليمين ليست فكرة جديدة، وان تبناها مؤتمر القاهرة المشار إليه.. طرحت فكرة الفيدرالية في عام 1989م كمشروع لتوحيد اليمن وكان ذلك قبل الزيارة التي قام بها الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى عدن في نوفمبر من نفس العام وبحضور الدكتور عبدالكريم الارياني، وتم اقتراح توحيد الدفاع والخارجية والمالية كخطوة أولى وقد حمل معه هذا المشروع الى الاخوة في عدن وتحدث به أمام اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي خلال تلك الزيارة المشار إليها آنفاً.
الفيدرالية كمخرج
> هذه وجهة نظركم ماذا عن الموقف الاقليمي من الفيدرالية ؟
>> لتجنب خطر الانقسام والحرب التي كانت على الأبواب التقيت بوزير خارجية عمان يوسف بن علوي في منزلي بدمشق وقلت له ان الفيدرالية هي الحل بعد أن تفاقمت الخلافات بين الاخوين الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض وكررت هذا الموقف للشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة- رحمه الله– قبل اندلاع الحرب بفترة وجيزة، وصارحت الاخ علي سالم البيض بموقفي ورؤيتي هذه عندما التقيت به في أبريل عام 1994م في أبو ظبي– ثم مع الرئيس علي عبدالله صالح في نفس الشهر عندما التقينا في قطر.. قلنا بهذا الحل–الفيدرالية- كمخرج للأزمة التي اعترت دولة الوحدة في وقت مبكر من قيامها ولكن أحداً لم يستمع إلينا ويأخذ بجدية وواقعية الحل الذي طرحناه لأن طبول الحرب كانت تدق على أبواب المسؤولين في كل من صنعاء وعدن والمليارات من الدولارات تضخ لهم شمالاً وجنوباً والنتيجة كما نراها اليوم معروفة الشعب دفع ثمن هذه الحرب.
معضلة الوحدة
> وهل ان مشروع الفيدرالية هو المناسب للنظام السياسي الجديد في اليمن؟!
>> من تجارب الوحدات الفيدرالية والاندماجية الماثلة أمامنا في التاريخ السياسي العربي المعاصر الوحدة المصرية السورية، والوحدة اليمنية الاندماجية اللتان تمتا بصورة ارتجالية وغير متدرجة أو مدروسة نجد ان هذا النوع من الوحدة لا يملك امكانية البقاء والصمود.. الوحدة المصرية السورية انفرط عقدها بعد ثلاث سنوات تقريباً والوحدة اليمنية حملت معها بذور الشقاق والأزمة في السنتين الاولى منها ولا تزال ازمتها مستمرة حتى اليوم ، ولم تحل حرب 1994م معضلة الوحدة بل على العكس اضافت إليها تعقيدات جديدة وخطيرة بالمقابل عندنا تجارب وحدوية أو اتحادية فيدرالية أخرى وهي تجارب ناجحة وصمدت أمام التحديات وحققت نجاحات ماثلة أمام أعيننا، ويمكن الاشارة إلى تجربة دولة الامارات العربية المتحدة وتجربة ماليزيا وتجارب دول اخرى.
ثلاثة خيارات
> ماذا لو لم يتم قبول مشروعكم الفيدرالي بين الشطرين وتحت التجربة لمدة خمس سنوات وما هي البدائل لديكم؟
>> هناك ثلاثة خيارات مطروحة اليوم على الساحة الجنوبية وربما أكثر.. الوحدة، الفيدرالية، فك الارتباط أو استعادة الدولة أو التحرير والاستقلال حسب هذه المسميات.. ونحن في الأول والأخير مع الخيار الذي يرتضيه الشعب في الجنوب
وقائع الاحداث
> ماذا لو تحدثنا عن نوفمبر 1989م هل كانت تلك الاتفاقية الوحدوية غير مدروسة وغير مستوعبة لمجمل الاحتمالات وأدت فعلاً إلى قرارات خاطئة؟!
>> هذا ما أثبتته الوقائع والاحداث فعلاً بدليل ما نراه ونعيشه اليوم.. دعني أخبرك بما سمعته من الأخ علي سالم البيض عندما التقيت به مؤخراً في بيروت الشهر الماضي لقد سألته: من هو صاحب فكرة (إخراج اليمن من النفق) التي يرددها البعض.. أنت أم علي عبدالله صالح؟ فأكد لي انه «أي البيض» هو صاحب الفكرة، وقد صارح بها علي صالح عندما خرجا من الرئاسة ودخلا نفق «جولد مور» كان الرئيس علي عبدالله صالح هو الذي يقود السيارة ونائب الرئيس علي سالم البيض إلى جانبه عندما سأله أن اليمن يمر في نفق كهذا.. فلماذا لا نخرجه من هذا النفق وقد وافق علي صالح على ذلك وبدلاً من مواصلة الطريق إلى «جولد مور» طلب منه البيض أن يذهبا إلى بيته في كريتر.. وخلال هذه الدقائق أو الثواني القليلة اتخذا القرار بالوحدة الاندماجية دون العودة إلى الهيئات التشريعية المفترضة في عدن وصنعاء أو إلى الشعب للاستفتاء على الوحدة وفقاً لدستور دولة الوحدة الذي اتفقنا عليه عام 1981م وبعد أن تناولا الغداء والقات كلفا وزيري الوحدة راشد محمد ثابت ويحيى العرشي بصياغة البيان أو "اتفاق 30 نوفمبر" ودعيا بقية أعضاء الوفدين لحضور حفل التوقيع، من الناحية الدستورية كان يفترض ان يوقع الاتفاق مع الرئيس علي عبدالله صالح الأخ حيدر أبوبكر العطاس بوصفه الرئيس ولكن ذلك لم يحدث.
وبما أن الارسال التلفزيوني قد اغلق، فقد أصدروا الأوامر إليه بافتتاح الارسال بعد منتصف الليل لإعلان أو إذاعة بيان الاتفاق المفاجأة مما أذهل العالم كله.
حديث النفق
> هذا ما قاله الأخ علي البيض لكم، فماذا عن موقف الرئيس علي عبدالله صالح؟
>> لقد أكد لي الرئيس علي عبدالله صالح من ناحيته صحة تلك الواقعة في آخر مكالمة بيني وبينه، وقال إن حديث النفق سبقه حديث في اجتماع للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني والمسؤولين في الجنوب وفي ذلك الاجتماع قال الرئيس علي عبدالله صالح أنه خلال زيارته لعدن سمع من الناس هتافات تطالب بالوحدة الفورية وأنه عرض على الاخوة في الجنوب ان يختاروا بين الوحدة الفورية أو الفيدرالية أو الكونفيدرالية أو المجلس اليمني الأعلى الذي تشكل في 30 نوفمبر 1981م عند أول زيارة قام بها الى عدن، وقال لي علي صالح في حديثه الاخير معي ان الاخوة في عدن اختاروا الوحدة الاندماجية (بعد حديثه هو البيض في نفق غولد مور المذكور).
حينها رحبنا بالوحدة رغم ما لنا من مآخذ على الطريقة التي تمت بها برغم انها تجاهلتنا كقوة سياسية مؤثرة بالاضافة الى قوى سياسية أخرى، وشملت الصفقة بينهما إخراجنا من اليمن وقبلنا بهذه التضحية من أجل الوحدة.. وقلت وقتها كما اذكر: "لقد جرى اقتسام السلطة والثروة والزمرة !" ...
وحدة الصف
> نشرتم مؤخراً الرسالة الموجهة منكم الى الرئيس علي سالم البيض حول ملابسات اللقاء الذي جرى بينكما في بيروت فما حقيقة ما جرى في تلك اللقاءات؟!
>> خلال اللقاء مع الاخ علي سالم البيض، والذي حضر– إحدى جلساته- الأستاذ فخري كريم اتفقنا على صياغة مسودة ورقة مشتركة لحوار جنوبي– جنوبي تقدم إلى اجتماع مصغر يعقد في القاهرة في الأسبوع الأول من نوفمبر الحالي للقيادات والمكونات الجنوبية، واتفقنا على قوام هذه اللجنة وطبيعتها ومهمتها وتحديد اسمائها، حيث انه كان من المقرر ان تعقد هناك لقاءات جنوبية– جنوبية يشارك فيها المهندس حيدر ابو بكر العطاس والمناضل حسن باعوم رئيس المجلس الاعلى للحراك الجنوبي الذي لبى دعوة حضور هذا الاجتماع رغم ظروفه الصحية والاستاذ عبدالرحمن الجفري والشيخ عبدالعزيز المفلحي والسيد مصطفى العيدروس منصب عدن والسيدة جهاد عباس والكابتن سعيد يافعي والاخوة شعفل عمر وصالح شايف ومحمد علي القيرحي ومطهر مسعد وعبدالله الهيثمي والسلطان احمد عبدالله الفضلي وغيرهم من القيادات الجنوبية، ولكن مع الأسف تراجع عنها في اليوم التالي، وفي تصريح صادر عن مكتبه ليس له علاقة بما تم الاتفاق عليه وهو أن تقوم اللجنة المقترحة بيننا بصياغة تلك الرؤية وليس مكتبه في بيروت.
وحرصاً مني على تعزيز وحدة الصف الجنوبي، وعلى علاقاتي الطيبة مع الاخ علي سالم البيض كنت أفضل عدم اثارة هذا الموضوع، ولكن بعدما صدر عن مكتبه من بلاغ صحفي وصف بالمهم.. أجد نفسي مضطراً لتوضيح ما يلي :
- إن اللقاء الذي تم في بيروت تطرق إلى الحوار الجنوبي– الجنوبي، وإلى مشاركة الاخ البيض في لقاء القاهرة مع جمال بن عمر والترتيبات التي طلبها لزيارته لجمهورية مصر العربية.
- وما صدر عن مكتب الاخ البيض ومعنون ب: رؤية بشأن عقد لقاءات وحوارات جنوبية– جنوبية تسلمت نسخة منه ونسخة منها للاستاذ فخري كريم، ولم تكن رسالة موجهة لي شخصياً حتى يتطلب مني الرد على ما جاء فيها، والتعليق الوحيد على تلك الرؤية أنها صدرت خلافاً على ما جرى الاتفاق عليه في اللقاء كما أشرنا آنفاً .
أما فيما يتعلق بأن الاخ البيض لم يتلق دعوة رسمية من السفير جمال بن عمر لحضور لقاء القاهرة بالقيادات الجنوبية، فقد وجه المبعوث الأممي الدعوة له شخصياً بحضوري وحضور الاستاذ فخري كريم عبر الهاتف بينهما، وقد ابدى البيض موافقته على ذلك.
وقد وصف الأستاذ فخري كريم اللقاء المشترك بين "الاخوين العليين" حسب تعبيره وما تمخض عنه من اتفاق أولي على المضي في التحضير للقاء القاهرة، ثم الانتقال الى اللقاء مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، بأنه مبعث تفاؤل وابتهاج له وذلك في رسالة مشتركة وجهها الى كلينا (علي ناصر محمد، وعلي سالم البيض).
وتستدعي مني الامانة التاريخية أن أضع أمام شعبنا في الجنوب والرأي العام حقيقة ما جرى في ذلك اللقاء، وقد نشرت رسالتي للاخ علي سالم البيض بتاريخ 31-10-2012م حول الموضوع نفسه ، ونحن نؤكد حرصنا الشديد على التواصل مع الاخ علي سالم البيض ومع كافة القيادات والمكونات السياسية في الجنوب والشمال بهدف إخراج الجنوب واليمن بشكل عام الى بر الأمان، ونؤكد على أن الخلافات تضعف القضية الجنوبية العادلة ولا تخدم الشعب في الجنوب ولا التضحيات العظيمة التي قدمها في سبيل انتصارها
تجاوز الماضي
> هذا التقاطع في مواقفكم مع علي البيض حول كيفية حل القضية الجنوبية والمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني.. هل ثمة مخرج يجمعكم قريباً على رؤية واحدة !؟
>> لا توجد مشكلة على الصعيد الشخصي مع الأخ علي سالم البيض ولا مع الاخوة الذين اختلفنا واياهم في بعض المراحل عندما كنا في السلطة في الجنوب بل تجمعنا وإياهم القضية الجنوبية العادلة وان وجدت مثل هذه الاختلافات فهي كانت في الماضي تباينات في وجهات النظر حول رؤيتنا لمستقبل الجنوب وعلاقاته اليمنية والاقليمية والدولية التي لم تكن تفهم من البعض وتطورت فيما بعد الى تأزيم للوضع وإلى الاحداث التي مر بها الجنوب لم نكن كلنا على نفس المستوى من الادراك في اهمية تجربة الدولة التي بنيناها ولا ادراك اهمية الموقع الاستراتيجي لعدن والجنوب الذي احتفظت به بريطانيا على مدى اكثر من قرن وربع بينما أضعناه في أقل من عقدين بالصراعات التي لا مبرر لها.. ونحن نتباكى اليوم على «اللبن المسكوب» أو على خراب البصرة كما يقال.. نحن وشعبنا ندفع ثمن تلك الاخطاء وتلك الحماقات حتى اليوم.
شعبنا تجاوز اخطاء الماضي واستفاد من التجارب المريرة التي مررنا بها في عملية التصالح والتسامح التي اطلقها مقدماً مآثر عظيمة، بينما لايزال البعض بكل أسف يجتر الماضي وكما قلت في سياق سابق فنحن حريصون على التواصل مع كافة القيادات والمكونات الجنوبية للاتفاق على رؤى موحدة وهذا ما نعمل له من خلال عقد مؤتمر الحوار الجنوبي- الجنوبي ونحن جميعاً مسؤولون عن كل ما جرى في الماضي والمهم ان نستفيد من دروسه وعبره.
وحدة الشعب
> إذا ما أصر البيض وتيار فك الارتباط على موقفه.. كيف تتوقعون مصير القضية الجنوبية والجنوب؟
>> مصير القضية الجنوبية والجنوب هو أمر بيد الشعب في الجنوب وحده، وليس هناك من يستطيع مصادرة إرادته أو يعتقد ان الحل بيده وحده.. الشعب في الجنوب بعد أن تشتت قياداته عقب حرب 1994م انتفض ضد سياسة الضم والإلحاق والإقصاء وسياسة النهب المنظم لأراضيه وثرواته، وضد الظلم الذي لحق به ولم ينتظر الحل من هذه القيادات التي استيقظت من صدمتها وسباتها العميق على أصوات نضال الجماهير وحراكها السلمي.
ثورة الشباب
> من وجهة نظركم ماهي طبيعة المعوقات التي لا تزال تشكل خطراً يهدد التسوية السياسية، وكيف ينبغي تجاوزها؟
>> واجه اليمن في السنوات الأخيرة العديد من الأزمات الخطيرة أهمها القضية الجنوبية، وحروب صعدة الست العبثية، واستشراء الفساد، والارهاب، والفقر والعجز عن تلبية متطلبات التنمية، وحاجات المواطنين وتعطل النمو الاقتصادي والاجتماعي.. وللأسف لم تنتبه السلطة والمعارضة إلى هذه المخاطر التي تهدد الوحدة والسلم الاجتماعي إلا بعد سنوات من الحراك الجنوبي السلمي الشعبي، وبعد ثورة التغيير السلمية في العام الماضي.. حينها فقط هرعوا إلى البحث عن حل سياسي للأزمة المستفحلة والذي تمثل في المبادرة الخليجية المدعمة أممياً.. الأخطار ما زالت محدقة باليمن في غياب حلول للازمات التي يعاني منها، وهي تنتظر الحل من أصحاب القرار وبقية القوى السياسية والاجتماعية واستمرار بقائها دون حل حتى الآن يشكل أهم المعوقات في وجه العملية السياسية الجارية ويشكل خطراً على التسوية وعلى مستقبل البلاد والعباد.
كافة الملفات
> أين برأيكم يمكن انعقاد فعاليات مؤتمر الحوار الوطني ولماذا؟
>> ليس المهم أين يعقد مؤتمر الحوار سواء عقد في اليمن أم في خارجه.. بل المهم أن تهيأ الظروف لإنجاح الحوار، وذلك بمعالجة كافة الملفات والقضايا الشائكة في اليمن- جنوباً وشمالاً- ما لم تهيأ الأرضية المناسبة وتتخذ اجراءات ملموسة لبناء الثقة فلا جدوى من الحوار ولا من الاختلاف حول مكان انعقاده.. هذا فيه إهدار للوقت والجهد والمال ويصيب الناس الذين يتطلعون الى المستقبل بتفاؤل بخيبة أمل كبيرة.
الرعاية الدولية
> هل أنتم مع حضور ومشاركة سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية وممثل الأمين العام للأمم المتحدة جلسات الحوار.. أم تعتبرون مشاركتهم ستؤدي إلى فرض بعض الأجندة على المتحاورين؟!
>> نثمن جهود سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية ونرحب بحضورهم ومشاركتهم في الحوار، ونرى أن الرعاية الدولية تمثل ضمانة لتنفيذ المبادرة ولمخرجات الحوار الوطني المزمع عقده، وكما جاء في بيان شيوخ قبائل بعض المحافظات الشمالية في القاهرة، فإن الدول الراعية ومجلس الأمن هما الطرفان الأمثل لمثل هذه الضمانة والرقابة الدولية.
عدالة القضية
> الانقسامات الحالية بين تيارات ومكونات الحراك الجنوبي، إلى أي مدى ستؤثر سلباً على مسارات القضية الجنوبية
>> هي اختلافات في الرأي ووجهات النظر وليس حل القضية الجنوبية وعدالتها وهذا أمر مشروع في العمل السياسي وعلينا أن نحترم كل الرؤى والآراء شرط ألا تؤدي إلى الانقسام، وتجري في نطاق التعدد الذي يعزز وحدة الحراك ولا يضعفه.. وأكرر هنا ما سبق وأكدت عليه في السابق بأن قوة القضية الجنوبية والحراك الجنوبي السلمي الشعبي في وحدته ومقتله.. ومقتل القضية الجنوبية في اختلافه وتشرذمه.
المؤتمر الجنوبي
> ماهو موقفكم من بيان (العطاس– باعوم– الجفري) الذي صدر مؤخراً ويثني على خيار الاستقلال واستعادة دولة الجنوب؟
>> هو موقف يندرج في إطار الجهود التي تبذل لتوحيد الصف الجنوبي على اختلاف رؤاه وتوجهاته.. ونأمل ان تستكمل الجهود مع كافة القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية للتوصل الى رؤى سياسية ومرجعية سياسية واحدة، وهذا ما نسعى إليه من خلال المؤتمر الجنوبي– الجنوبي الذي يجري التحضير له..
مع الحوار
> هل ستشاركون في مؤتمر الحوار الوطني.. وهل ستكون مشاركتكم بالحضور الشخصي أم بممثلين عنكم؟
>> من حيث المبدأ وكما أعلنت أكثر من مرة نحن مع الحوار ومع حل المشاكل بالطرق السلمية.. ولهذه الغاية نحن في حوار مستمر مع كافة القوى والمكونات السياسية والاجتماعية على مستوى الجنوب والشمال.. بالإضافة إلى اللقاءات والحوارات التي أجريناها ونجريها مع ممثلي الاتحاد الأوروبي ولجنة التواصل وإدارة الأزمات الدولية ومع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن السيد جمال بن عمر وسفيري الاتحاد الروسي وبريطانيا ... كنا نامل ومازلنا أن يسبق الحوار معالجة تقوم بها السلطة لإزالة آثار حرب عام 1994م على الجنوب وما نجم عنها وتبعها خلال السنوات الاخيرة كنوع من بناء الثقة وإيجاد الأرضية الملائمة لإجراء مثل هذا الحوار، وقد تقدمنا بحزمة من المطالب المشروعة للبدء باجراءات ملموسة تسهل مهمة الحوار ومنها استعادة الممتلكات الخاصة والعامة، وعودة المسرحين المدنيين والعسكريين إلى أعمالهم، واطلاق سراح المعتقلين وتعويض اسر الشهداء، وتعويض (صحيفة الايام) وغيرها من المطالب، ولكننا لم نلمس شيئاً على الارض حتى اليوم.. وعلى العموم ليس هناك من طريق آخر لحل قضية الجنوب وبقية القضايا العالقة والمضي في العملية السياسية الجارية في اليمن إلا عبر الحوار والحلول السلمية.. سبق لشعبنا في الجنوب والشمال أن جرب الحلول الاخرى، أي الحل بالحرب واستخدام القوة وأثبت فشله.. لا بديل عن الحوار سوى الفوضى والحرب والمجهول .
تنمية المنطقة
> كيف تنظرون الى قضية صعدة ؟!
>>نحن ضد الحروب العبثية الستة التي تعرضت لهاصعدة والتي تسببت لأبنائها وللبلاد بمآسٍ لاحصر لها والحقت بها أضراراً سياسية واقتصادية واجتماعية وضحايا بشرية انهكت الطرفين واستنفدت موارد الدولة بدلاًمن استخدامها في تنمية صعدة وبقية البلاد، وقد تجاوزت مخاطر تلك الحروب العبثية اليمن إلى دول الجوار وعلينا الاستفادة من دروس تلك الحروب التي لا طائل من ورائها حتى لا تتكرر مرة أخرى سواءً في صعدة أو في غيرها أو نبحث في الجذور والاسباب التي أدت إليها ونعمل على إيجاد حل عادل لها بمعالجة الآثار الناجمة عنها وإعادة إعمار ما دمرته والشروع في عملية تنمية المنطقة التي عانت وحرمت كثيراً من أبسط فرص التطور وهذا ينطبق على مناطق اخرى وكثيرة في اليمن.
وحدة الحراك
> البعض يرى ضرورة دخول قوى الحراك الجنوبي برؤية موحدة الى مؤتمر الحوار.. أنتم كيف ترون ذلك؟
>> هذا رأي سليم ونحن نتفق معه كل الاتفاق لأن وحدة الحراك الجنوبي وامتلاكه لرؤية موحدة يعزز موقعه في مؤتمر الحوار ويساعد على انتصار قضيتهم العادلة بينما ان التشرذم يضعف الحراك والقضية معاً.
ليس لمصلحته
> الاطراف السياسية الرافضة للحوار ومنها تيار علي سالم البيض تعتبر خارجة عن الاجماع الوطني والاقليمي والدولي.. كيف تنظرون إلى موقف وأطروحات هذا التيار؟
>> نأمل أن يشارك هذا التيار وما يمثله في الحوار الوطني لأن مقاطعته ليس لمصلحته أو في مصلحة القضية الجنوبية.
تهديد الاستقرار
> هناك مخاوف حقيقية لدى بعض الأطراف في العملية السياسية تتمثل باحتمالات حدوث صراع مذهبي مسلح بين الحوثيين والتجمع اليمني للاصلاح... كيف ترون أبعاد هكذا صراع ومخاطره ؟ وما هو موقفكم وموقف ابناء الجنوب من هكذا صراع ؟
>> مبدئياً واخلاقياً ووطنياً نحن ضد الصراع الطائفي والمذهبي سواء كان مسلحاً أو غيره، لأنه يضر بالنسيج الاجتماعي ويهدد الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، ويضر بأمن واستقرار اليمن والمنطقة، وعلى الجميع وكل الغيورين ان يعملوا كل ما في وسعهم لمنع هذه الفتن وتجنيب البلد والشعب ويلاتها وحل كل هذه الخلافات بالحوار والطرق السلمية.
بناء يمن جديد
> ما تقييمكم لمجمل الجهود الوطنية والاقليمية والدولية الهادفة الانتقال بالوطن الى الدولة المدنية الحديثة التي تشكل أساس بناء اليمن الجديد
>> كان هذا أحد مطالب ثورة الشباب السلمية والقوى السياسية الجديدة في المجتمع.. ونحن نقدر كل الجهود المبذولة على هذا الصعيد، لأن الانتقال الى الدولة المدنية سوف يؤسس فعلاً لبناء يمن جديد مزدهر.
رؤية موحدة
> ماهي نصيحتكم لكافة اطراف العملية السياسية وبصفة خاصة للحراك الجنوبي؟
>> ليست نصيحة.. ولكن نأمل من جميع أطراف العملية السياسية ان ينخرطوا في الحوار والعملية السياسية الجارية في اليمن ويعملوا بقدر استطاعتهم على انجاحهما حتى يخرج البلد إلى برالامان وبالنسبة للحراك الجنوبي السلمي نامل ان يتجاوز خلافاته ويعمل على تعزيز وحدته التي هي مصدر قوة له ولقضيته العادلة، وأن ينخرط في الحوار برؤية موحدة.. المهم ألا تكون هناك خطوط حمراء أو سقف محدود للحوار وأن تعبر كل الاطراف المشاركة فيه عن نفسها ورؤاها بصراحة وشفافية وأن تتوصل إلى حلول أيضاً.
المبادرة الوطنية
> ما رأيكم في البيان الذي أصدرته من القاهرة مؤخراً شخصيات قبلية بارزة تنتمي إلى المحافظات الشمالية والذي يتضمن فيدرالية من إقليمين وفيدرالية فرعية ضمن دولة الاتحاد الفرعية؟
>> قرأنا البيان باهتمام بالغ، والذي أكد على أن القضية الجنوبية قضية سياسية عادلة بامتياز وهي المدخل والمفتاح لحل كل أزمات البلد، ولقد أكد البيان بأن الحل يكمن بالفيدرالية بإقليمين ومن هنا تأتي أهمية بيان الشخصيات القبلية في الشمال الذي نأمل الانصات إلى مبادرتهم الوطنية.
ونحن نرحب بكافة المقترحات لحل الأزمة اليمنية والقضية الجنوبية وتبقى الكلمة الأخيرة لشعبنا.