أخبار محلية
دماء الشهداء.. وقود الربيع العربي
أحد أبرز الدروس المستفادة من الربيع العربي هو أن براءة الشباب تمثل قوة حقيقية في فضح وحشية وهمجية النظام وادعاءاته. وآخر الأمثلة على ذلك، شهدتها سوريا، حيث قامت قوات الأمن بتعذيب وقتل صبي يبلغ 13 عاما, يدعى حمزة علي الخطيب؛ لأنه ببساطة كان متواجدا في مظاهرة مؤيدة للديمقراطية في مدينته الصغيرة الجيزة. وبعدما انتشرت صور جسده المصاب على نطاق واسع, حسم كثير من السوريين ترددهم بشأن الخروج إلى الشوارع، وصرحت هيلاري كلينتون, وزيرة الخارجية الأمريكية, بأن قتل الفتي يشير إلى "الانهيار التام لأي جهد تبذله الحكومة السورية للعمل مع شعبها والاستماع إليه".
الجدير بالذكر والمثير لحفيظة الشعب السوري ما ذكرته مجموعة معارضة بارزة أن ما يقرب من 25 طفلا قد لاقوا حتفهم منذ بدء الاحتجاجات في منتصف مارس الماضي. واللافت للنظر أن قتل الشباب البريء يثير حافزا عاطفيا لدى المحتجين والثوار يدفعهم لخوض غمار المظاهرات التي اندلعت مؤخرا في شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط؛ فعندما يشاهد الشباب العادي واحدا منهم يتعرض للقمع على يد النظام الفاسد والمعتدي, فإن هذا الظلم الذي يستشعرونه يُحفزهم للتغلب على مخاوفهم وتحدي رصاص الشرطة والعمل بانسجام تام.
وفي تونس, أضرم الشاب محمد البوعزيزي، ذو الـ26 ربيعا، النار في نفسه بعد أن تعرض للإهانة على يد شرطية خلال اعتقاله، فأصبحت تضحيته الشرارة التي دفعت الشعب التونسي للاحتجاج ومكنتهم من إزاحة دكتاتور تونس، بل وكانت الشرارة التي ألهبت الربيع العربي في المنطقة بأسرها.
وفي يونيو الماضي, في مصر, قُتل الشاب خالد محمد سعيد , 28 عاما, على يد الشرطة، ثم أصبح في قوت لاحق رمزا لوحشية نظام مبارك البائد، فأنشئت صفحة على الموقع الاجتماعي "فيس بوك" تحت اسم (كلنا خالد سعيد) بمساعدة بعض الناشطين المصريين, وكان الناس يهتفون أثناء الاحتجاجات في ميدان التحرير في القاهرة "كل واحد منا يمكن يكون خالد سعيد".
في سوريا اليوم, يصعد الأطفال على أسطح منازلهم في المساء ويهتفون "الله أكبر, حمزة, حمزة".. إنه نوع من الاحتجاج والتأكيد على تضحية "الطفل الشهيد".
لقد أثبت الشهداء أن الثورة بحاجة إلى المشاعر بقدر حاجتها إلى المبادئ, وأن الدماء البريئة التي تراق تنتزع الخوف من قلوب الشعوب حتى يكونوا شجعانا.