بلقيس
لولوة.. أول شيف احترافي في اليمن
يعتبر اليمن واحدًا من البلدان الغنية بتنوع مأكولاتها وأطباقها، إلا أنه من أقل البلدان تسويقًا لذلك التنوع، ومؤخرًا بدأت عملية التنبه لأهمية الأمر، لكن بجهود فردية كالعادة.
لولوة معوض أول شيف احترافي في اليمن تحاول السير في هذا الطريق، حيث تعمل في مجال التدريب وتقديم الاستشارات والخدمات للعديد من الجهات في محاولة منها لتقديم المأكولات اليمنية بطرق حديثة. تقول لولوة إنها "دخلت هذا المجال من أجل إعادة إحياء المأكولات اليمنية بطرق حديثة تتناسب مع العصر، وتليق بتقديم هذا الجزء من الثقافة اليمنية للعالم".
وعملت لولوة في مجال إدارة المشاريع في إحدى شركات النفط والغاز في قطاع حضرموت - شبوة، لكن انتقالها رفقة زوجها إلى صنعاء جعلها تتوقف عن عملها الأول، وتعيد التفكير في تلك الهوايات والإمكانات الدفينة لتلمع في مخيلتها فكرة الطبخ.
بدأت لولوة البحث عن فرصة تعليم عالٍ في مجال الطبخ، لكن التخصص ذاته لم يكن متوفرًا في الجامعات اليمنية، ففكرت بالبديل المتاح، أي الدورات والكورسات، حيث كانت بعض الجاليات الهندية المقيمة في اليمن تنظم دورات تدريبية في ذات المجال، فاتجهت إلى هناك.
نقطة تحول
استطاعت لولوة تعلم فنون مختلفة في مجال الطبخ، وإعداد الوجبات والأطباق بالطرق الحديثة، لتعكس مهاراتها لاحقًا في إعدادها الأطباق اليمنية بطرق جديدة، تقول لولوة إنه مع بدء الحرب غادرت كثير من الجاليات بعد أن قضت أربع سنوات في التعلم معها واكتساب المهارات من خلالها، وهنا بدأ التحول الجديد في حياة لولوة، حيث كانت بعض المؤسسات المحلية تبحث عن مدربة لمجموعة من النساء في فنون الطبخ، فكانت لولوة الشخص الأكثر جاهزية لهذه المهمة.
تلت تلك الخطوة خطوات أخرى تضمنت تدريب نساء ورجال على فنون الطبخ، وكيفية إعداد وتقديم الوجبات بالطرق العالمية، حتى أصبح الطبخ عالمها الجديد، فقررت لولوة متابعة كل جديد في هذا المجال والاحتراف أكثر، "بدأت في إعداد الأطعمة الصحية من خلال المنتجات الزراعية المحلية، فاستخدمت مثلًا أوراق العنب والرمان والحبوب المختلفة في صناعة مأكولات وحلويات مختلفة"، وإلى جانب عملها الخاص في إعداد الوجبات الصحية، عملت لولوة أيضًا كشيف احترافي في أماكن مختلفة، لتستقر لاحقًا في مجال التدريب وتقديم الاستشارات.
صعوبات متنوعة
صنعت لولوة اسمها في مجال إعداد الوجبات والأطباق الصحية فجاءت إليها الفرص، حيث تعاقد معها عدد من الفنادق الكبيرة والمطاعم الحديثة من أجل تقديم التدريب والاستشارات لطواقم العمل، "في البدء كنت أجد صعوبة في التعامل مع العمال والطباخين لكوني امرأة من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب تخصص الطباخين في أصناف محددة، والبدء في تعلم أصناف جديدة".
ويتركز عمل لولوة على إعداد شيف محترف يجمع بين عدد من الأصناف المختلفة في آنٍ واحد، الأمر الذي وسع أمامها فرص الطلب على التدريب والاستشارات من قبل أكثر من جهة مرموقة، إلا أنها، كما تقول، قابلت في رحلتها جملة من التحديات والعوائق في بادئ الأمر، وكانت البداية من الدوائر القريبة منها أي الأهل والأصدقاء الذين عارضوا هذا التوجه البعيد عن طبيعة عملها الوظيفي في مجال هندسة الحاسوب، لكن شغفها كان أقوى من أن يتم كسره.
رصيد
انطلقت لولوة بعدها صوب توسعة سوقها بإصدار مجلة متخصصة في مجال الطبخ والتغذية الصحية، لعبت المجلة دورًا في مجال التعريف بها كشيف احترافي ومدربة واستشارية في مجال التغذية الصحية، فاتسع السوق، وصُقِلت المهارات، وتراكمت خبراتها أكثر.
بدأت لولوة صناعة الوجبات وفق منظورها الخاص من خلال إضافات معينة للوجبات اليمنية في النكهات والمذاق وطرق الإعداد والتقديم بغرض تطويرها، لتجد بمرور الوقت أن لديها ما يكفي من رصيد لتضمينه في كتاب إرشادي، فتعاقدت مع إحدى شركات النشر لإصدار الكتاب.
وبحسب مسؤولة التدريب والتأهيل في الصندوق الاجتماعي للتنمية، رجاء الأغبري، فقد "تعاقد الصندوق مع لولوة من أجل تدريب مجموعات مختلفة من النساء والفتيات والشباب حول الصناعات الغذائية، وطرق إعداد المأكولات المختلفة"، وتضيف: "معظم المتدربين استطاعوا تأسيس مشاريع خاصة بهم في مجال الحلويات والمأكولات، ما أحدث تغييرًا مهمًا في حياتهم العملية".
من جانبه، يقول رئيس مكون دعم القطاع السمكي في برنامج الانتعاش الاقتصادي وسبل العيش، الدكتور أوسان باهرمز : "عملت لولوة لدينا في عدة تدخلات في مجال الاستشارات المتعلقة بفنون الطهي والطبخ من خلال تقديم الاستشارات لصالح بعض المشاريع الخاصة بالبرنامج، إلى جانب تدريب المستفيدين من البرنامج، وتقديم استشارات ما بعد التدريب لأصحاب المشاريع المستهدفة"، مضيفًا: "لديها الخبرة والكفاءة الجيدة في هذا المجال، ما ساعد في إنجاح كثير من البرامج والمشاريع التي قمنا بتنظيمها".
نشرت هذه المادة في منصة هودج على الرابط التالي: