بلقيس
“مدينة عدلان” .. امرأة في الوقت الصعب
لم تكن الظروف الأمنية والاجتماعية معبدة بقانون يكفل للمرأة الحق في العمل السياسي أو حتى الانخراط في سوق العمل المدر للدخل والنشاط الاجتماعي والثقافي، ومع ذلك استطاعت القيادية السياسية “مدينة عدلان” تحدي كل تلك الاقاويل والقناعات السائدة عند الفئات المتشددة بالعادات والتقاليد الاجتماعية والدينية.
وعلى الرغم من ان أغلب المناصب السياسية في البلد لا يوجد للمرأة فيها أي تمثيل خاصة في التشكيلة الحكومية الحالية، الا أن المرأة تعد ركيزة أساسية في الخدمات الإجتماعية والتنموية والإنسانية، فقد برزت الكثير من الأسماء النسوية في سنوات الحرب على الصعيد السياسي.
شجاعة سياسية
وعبر مراحل سياسية تاريخية كان للمرأة اليمنية حضور كبير خاصة أبان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الشطر الجنوبي اليمني) من خلال الحضور على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية.
حيث تشبعت مدينة عدلان فنون السياسية والعمل الحزبي منذ نعومة أظافرها كونها ولدت وترعرعت في كنف أسرة حزبية وسياسية بمحافظة حضرموت شرق اليمن، ومما جعلها أكثر شجاعة ومجاهرة بالعمل السياسي في ظل نظرة مجتمعية قاصرة تجاه المرأة المنخرطة بالنشاط الحزبي خاصة تلك التي لديها توجه يساري منفتح.
ونتيجة تواجدها في بيئة مشبعة ثقافيا وسياسيا استطاعت مدينة عدلان من استثمار كل العوامل المتاحة لصناعة شخصية شجاعة وقوية، فقد تأثرت بالكثير من القيادات السياسية والشخصيات الاجتماعية التي شاهدتها في الانخراط بالعمل السياسي .
بدأ عدلان مشوارها السياسي من التحاقها بمنظمة الطلائع بالمدرسة بعمل، وصولا إلى اتحاد أشيد الاشتراكي، حتى حصولها على دبلوم في العلوم السياسية من المدرسة العلوم الحزبية بحضرموت.
ومع المتغيرات السياسية التي شهدتها اليمن خاصة في حرب 94 عملت مدينة عدلان على الاتجاه نحو استثمار خبراتها للعمل مع منظمات المجتمع المدني معتبرة ذلك تشبيك مجتمعي شامل ومكسب كبير تحققه، من خلال العمل الخيري والثقافي.
الدفع بالشباب
لا تفكر مدينة بتكلفة التحديات بقدر ما تعمل على اللجوء لاستخدام أساليب يمكن تأطيرها تحت يافطة العمل السياسي، كما فعلت أثناء سيطرة تنظيم القاعدة على محافظة حضرموت حيث حرصت على اتخاذ النشاط الاجتماعي ودفع الشباب في خدمة الناس ورفع الوعي لمواجهة المخاطر المحدقة بمدنية حضرموت وطابعها السلمي .
وعن أهمية إشراك الشباب والمرأة في صنع القرار ، تقول عدلان” أنه عملت على الدفع بعدد من الشباب من الحنسين لتبؤ مناصب قيادية في الحزب الذي تنتمي إليه، وجميع شباب الاحزاب للعمل ضمن تحالف او تكتل يخدم العمل السياسي المستقبلي الذي يهدف لتقبل الاخر والتبادل السلمي للسلطة.
وحاولت مدينة أن تتخذ من عملها بين أوساط المرأة والشباب رابط بين العمل السياسي والعمل المجتمعي ، وتضيف: ” الذي لم استطيع تغييره من موقعي السياسي استطيع تغييره بالعمل المجتمعي وبالفعل عند عودتي للعمل السياسي استثمرت تلك العلاقات والبصمات في مشواري السياسي”.
قوة تهشم العادات
بين كمية الرفض المجتمعي أصبحت مدينة عدلان نموذج قوي للمرأة الصلبة التي هشمت كل العراقيل وأصبحت عضو اللجنة الاستشارية لتعزيز الحكم المحلي بمحافظة حضرموت ومساعدة رئيسة دائرة المرأة بمؤتمر حضرموت الجامع عضوة لجنة مديرية لاتحاد نساء اليمن عضوة القمة النسوية الثالثة وعضوة تكتل النساء الحزبيات، وعضو سكرتارية الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة حضرموت، وسكرتير اول اتحاد الشباب الاشتراكي اليمني اشيد بالمحافظة.
ونجحت عدلان في تقديم ورقة بحثية حول العنف السياسي ضد المرأة أثناء مشاركتها في اجتماع عمان الاردن الذي نظمه مكتب المبعوث الاممي لنساء الاحزاب اليمنية، كما شاركت في المؤتمر الافتراضي النسوي لعرض ومناقشة خارطة السلام النسوية.
“شاركت ضمن مجموعة من النساء الحزبيات المؤثرات، في اجتماع دعا له قسم الجندرة بمكتب المبعوث الاممي وكنت المرأة الوحيدة من حضرموت وكان اجتماع ناجح بكل المقاييس حيث انه يعد اول اجتماع بنساء من الاحزاب السياسية ” تقول عدلان .
مشاركة المرأة في السلام
وفي بلد تنتشر فيه العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية، كما هو حال اليمن، تقول مدينة أن مشاركة المرأة في العمل السياسي تراجع كثيرا نتيجة الصراعات السياسية المتكررة في البلد، خاصة بعد حرب 1994م والتي أعطت مساحة كافية لظهور الخطاب الديني والفكري الخاطئ الذي واجه للمرأة في جنوب اليمن، الا أن مدينة اكتسبت الكثير من أسرتها وقانون الأسرة الذي كان يعمل به في الجنوب لذلك استطاعت اجتياز جميع الظروف.
وتأمل مدينة عدلان أن يكون لها دور في تغيير النظرة القاصرة اتجاه المرأة السياسية وذلك من خلال فتح الحوار مع الجنسين.
وفي حديثها لمنصة ” تاء ” ترى عدلان أن السياسة فن الممكن، فلا صديق أو عدو دائم، فتقول أنها لديها فلسفة تحويل العدو إلى صديق أو محايد، وتؤمن بثوابت ومبادئ بناء دولة القانون والعدالة الاجتماعية والقضية الجنوبية واستحقاق حضرموت.
ومن منظورها للسلام في اليمن تقول” السياسية مدينة عدلان أن وضع جميع القضايا على طاولة المفاوضات يعد منطلق لبناء سلام دائم وتطبيق مبدأ العدالة الانتقالية ابتدأ من إشراك المرأة في العملية السياسية كشرط أساسي.
إمرأة عملية
ويرى الناشط السياسي عبدالله المعماري أن مدينة عدلان تتميز عن غيرها من نساء حضرموت أنها شخصية عملية، لا تكاد تبرز قضية ما إلا وتجدها قد ارتبطت بها، لافتا إلى انها مرتبطة بقضايا الآن واللحظة وفي نفس الوقت بالقضايا الكبرى والجمعية.
وأشار المعاري إلى أن “نجاحها يعني أن هناك حركة نسائية تُبعث في حضرموت، فتواجد مدينة عدلان ليس وجود فردي فقط؛ لأنها شخصية مؤثرة على شخصيات أخرى كثيرة”.
منصة تاء