بلقيس
شقيقتان تكسران طوق عزلة المهن
مريم إقبال (31 سنة)، وأختها فاطمة (32 سنة)، من سكان الحديدة (غربي اليمن)، استطاعتا أن يكسرا النمطية المطوقة للأعمال، واحتكارها من قبل الذكور، فأنشأتا محلًّا لصيانة وبرمجة الهواتف النقالة، إلى جانب قسم لبيع البخور ومنتجاته.
تتحدث مريم لـ"خيوط"، أنها مرت بصعوبات عدة قبل أن يتم قبولها كطالبة في مجال الهندسة والصيانة، منذ كانت طالبة في جامعة الحديدة. ففي المستوى الثالث من تعليمها، لم تستطع أن تلتحق وزميلاتها بإحدى شركات الصيانة، لتطبيق مقرر مادة التدريب العملي، وذلك لاقتصار هذه المهنة على الذكور.
تم رفضهن، فقط لكونهن إناثًا، لكن إدارة الجامعة تدخلت، وضمّتهن وزميلاتها إلى محل صيانة يدعى تهامة للتكنولوجيا، والذي رحب بهن، ومن ثَمّ بعد أن رأى إخلاصهن، قام باستقطابهن للعمل لديه في قسم الصيانة.
تنقلت مريم بعد ذلك في أماكن عمل عدة، وساهم تشجيع أهلها لها، بإقامة مشروعها الخاص، الذي سيرافقها طيلة مشوارها المهني.
كانت الحرب وظروفها قد دعت شقيقتها فاطمة إلى ترك عملها كمخبرية في أحد المختبرات الطبية في الحديدة، فأقبلت على مهنة كانت تمتهنها أمها وجدّاتها- صناعة البخور، ومن ثم بدأت تروّج لمنتجها على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن انقطاع الإنترنت حال دون صنعتها.
تقول مريم: "بدأنا مشروعنا في فتح محل صيانة التلفونات ومنتجات البخور. اخترنا أن يكون المكان وسط المدينة في شارع صنعاء، وكل ذلك تم في ذروة الأزمة. هذا يعتبر تحدّيًا ومجازفة من جميع النواحي؛ من حيث تقبل المجتمع لامرأتين تديران وتباشران مشروعهما بنفسيهما، وبين ما صنعته الحرب من أزمة وإضعاف قدرة الناس الشرائية".
نجاح
امرأتان آمنتا بقدرتهما على تحدي ومواجهة أوضاع البلاد وما تمر به من حرب، وما قد ينالهما من نصيب من الانتقاد الذي قد يصل إلى حد الازدراء، وها هو اليوم يمر على مشروعهما قرابة عام وقد حققن نجاحًا يشاد به.
تقول مريم إن معظم عملائها من الرجال، حيث "حظيت بثقة كبيرة لديهم، وخاصة أن مجال البرمجيات وصيانة الهواتف يتطلب ثقة وحماية للخصوصية، وهو ما استفدت منه في كوني أنثى، فأغلب الهواتف تحتوي على أمور خاصة، والتي يخشى العملاء من أن يطلع عليها الرجال".
وكما وجدت فاطمة نفسها في عمل أمهاتها وطورته بما يناسب رغبات زبائنها، استطاعت أن تكيف وضعها ووضع مجتمعها بما يعود بالفائدة لهم جميعًا.