بلقيس
المرأة اليمنية والحرف اليدوية
على مر العصور، تظل المرأة العنصر المساند للرجل في جميع الأوقات؛ إذ تقوم بدورها داخل المنزل ربةً ومدبرة له، وتمارس أدوراً متعددة في عملية تحقيق الاكتفاء الاقتصادي الذاتي لأسرتها من خلال ممارستها لأنشطة اقتصادية متنوعة، فنجدها مزارعة في الأرض، وعاملة في المصنع، ومعلمة في المدرسة، وطبيبة في المستشفى، وعاملة في مجال المهن الحرف اليدوية، وغيرها من المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي تثبت من خلالها أنها نصف المجتمع بجدارة الكلمة والوصف.
وتعد الحرف اليدوية واحدة من الأنشطة الاقتصادية التي تمارسها الكثير من النساء التي تتضمن صناعة وتطريز الملابس التراثية لمختلف المناسبات الاجتماعية، وصناعة الأواني المنزلية من القش، وإعداد البخور والعطورات ومستلزمات التجميل المتنوعة، وحياكة النسيج، وصناعة قبعات الخيزران، والهدايا والتحف التراثية البسيطة التي تلاقي رواجاً في الأسواق المحلية، وغيرها من الصناعات التي تعدها معظمُ أسر تلك النساء مصدراً رئيساً لدخل الأسرة.
وتمثل تلك الصناعات جزءاً من الهوية الوطنية لتراث اليمن، فيعكس المخزون التراثي الهائل والمتنوع الذي تمتلكه اليمن منذ عصور تاريخية، وقد مثلت تلك الحرف اليدوية مصدراً استثمارياً للبلد أثناء ازدهار السياحة وزيارة الأفواج السياحية لمختلف محافظات اليمن. وقد برز دور الحرف اليدوية بوصفه مصدراً اقتصادياً للأسر اليمنية بصورة أكبر مع استمرار الصراع منذ أكثر من ست سنوات، اضطرت فيه الكثير من النساء اليمنيات في مختلف مناطق اليمن المدنية والريفية إلى القيام بصناعات حرفية يدوية بغرض تحقيق اكتفاء ذاتي تغطي احتياجات أسرهن.
لقد أبدعت المرأة اليمنية في صناعة الملبوسات اليمنية التراثية، وهكذا تم إعادة التراث اليمني القديم في الملبوسات في جميع المناسبات اليمنية، وما يميز ذلك تنوعها حسب المناطق اليمنية فهناك التراث الصنعاني، والتعزي، والسقطري، فظهر إبداع المرأة اليمنية وقدراتها الابتكارية الفنية في صناعة تلك الملبوسات بصورة مميزة.
لا شك أن الحرف اليدوية تؤدي دوراً واضحا في رفع نسبة النساء العاملات والتخفيف من معدلات البطالة بينهن، بالإضافة إلى رفع مستوى الإنتاج المحلي، وزيادة التنافس، وتشجيع النساء العاملات على الابتكار والإبداع في مختلف صور الإنتاج للحرف اليدوية، كما أنها تساهم في تنمية قدراتهن ومهاراتهن، وتعمل على حشد الأيدي العاملة الوطنية في تجمعات اقتصادية صغيرة للمساهمة في رفع مستوى الاقتصاد الوطني، ومهما كان العائد ضئيلاً فإنه يقوم بدور فعال في معالجة الكثير من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي قد يواجها المجتمع.
مع ذلك، تواجه تلك النساء العديد من الصعوبات أبرزها التسويق؛ حيث تجد الكثير منهن صعوبات في عملية تسويق المنتج الصناعي الذي تنتجه وهذا يدفعها إلى بيع المنتج بأقل الأسعار، أو محاولة تغيير النشاط الذي قد تجد فيه صعوبات أكثر من سابقه.
إن دعم تلك الجهود يتطلب القيام بإنشاء جمعيات متخصصة لعمليات التسويق، أو تخصيص أماكن لبيع تلك المنتجات، أو تحويل تلك المبادرات الفردية إلى مشاريع صغيرة من خلال إيجاد دعم مالي بسيط لتنفيذها، مع العمل على تجديد قدرات النساء العاملات في هذا المجال لتكون أكثر تأهيلاً من خلال الجمعيات المتخصصة في المصنوعات التراثية، والعمل على إعفاء تلك المنتجات من الضرائب لتشجيعها على الاستمرار في الإنتاج بنوع من الابتكار والتجديد في المنتجات اليدوية الحرفية.
إن المحافظة على البقاء والاستقرار الأسري يعد السبب الرئيس الذي دفع بالكثير من النساء اليمنيات إلى إنعاش السوق اليمنية بالعديد من منتوجات الحرف اليدوية؛ ومن ثم ينبغي العمل على تمكين المرأة من خلال البرامج التدريبية المتنوعة، وتقديم التسهيلات الاقتصادية الداعمة لزيادة تلك الأنشطة الاقتصادية.
صوت الأمل