بلقيس
استغاثة قبول.. هل ستوقف العنف ضد النساء؟!
"غوروا عليّا - أنقذوني"، استغاثة أطلقتها السيدة قبول سعيد، (38) عامًا، قبل أيام من وفاتها؛ علّها تجد منقذًا لها من التعذيب الذي بقي شاهدًا على جسدها ..
تعرضت قبول القاطنة بقرية الهيجة ـ إحدى قرى مديرية شرعب الرونة بمدينة تعز جنوب غرب اليمن - منتصف شهر أكتوبر 2021 م، للتعذيب والضرب المبرح من قبل زوجها البالغ من العمر (56) عامًا؛ حيث قام بحبسها في المنزل مدة شهر كامل، ومنع عنها الطعام والشراب، ثم قام بضربها وتعذيبها لثلاثة أيام متتالية، مطلع شهر أكتوبر الماضي؛ ما تسبب في وفاتها.
الإبلاغ قبل وفاتها
يقول عبدالله سعيد - شقيق قبول: "وصلتني تسجيلات صوتية لصراخ أختي إثر تعرضها للتعذيب، فطلبت من أبناء أختي الكبيرة الذين يسكنون في قرية أخرى بعيدة الذهاب لأخذها؛ كوني في مدينة صنعاء، وعندما وصلوا، تفاجؤوا بحالتها الصحية السيئة؛ لدرجة أنها لم تستطع المشي؛ لذا قاموا بإيصالها إلى مستوصف القرية؛ لتتلقى الإسعافات الأولية".
بخطوات مرتجفة خطتها قبول، وهي تستند على كتف ابن أختها متجهةً نحو إدارة أمن المنطقة؛ للإبلاغ عن الاعتداء الذي تعرضت له من قبل زوجها، بحسب شقيقها عبدالله؛ علّها تجد قانوناً ينصفها.
"قامت أختي بالإبلاغ عن الاعتداء الذي تعرضت له من قبل زوجها، وبسبب حالتها الصحية المتدهورة؛ قمنا بأخذها إلى مستشفى في صنعاء، وأجرينا لها عملية، وتبين، أثناء الكشف الطبي، وجود تمزق بالشرايين، ونزيف داخلي، حاول الأطباء إنقاذها، لكنها توفت بعد عشرة أيام من المحاولات لإبقائها على قيد الحياة"، يقول شقيق قبول.
اعتدى على والدته
وبحسب المحامي عبدالجليل، متطوع بالترافع في القضية، فإن أبناء القرية، نفسها، شهدوا على تعرض قبول للتعذيب والضرب من قبل زوجها، وسماعهم صوتها أثناء التعذيب، بحسب الأوراق الرسمية المرفقة، يقول: "ليست هذه المرة الأولى التي يعتدي فيها عبدالعزيز يحيى على زوجته، فقد تعرضت مرارًا للضرب"، مبينًا أنه سيطالب المحكمة بإنزال أقسى العقوبات بحق الجاني عبدالعزيز يحيى عبدالجليل؛ ليكون عبرة لغيره من الرجال الذين يعتدون بالضرب على النساء.
وبحسب الوثيقة الرسمية الموثقة بتاريخ 14 / يوليو عام 2020 م، فان عبدالعزيز قد أقدم على ضرب والدته؛ ما تسبب لها بإصابات مختلفة في جسدها.
ضحايا أخريات
وزادت ضحايا العنف من النساء، باليمن، في الآونة الأخيرة؛ فالشابة ريمان، من منطقة صبر المسراخ جنوب مدينة تعز، توفت إثر تعرضها للضرب من قبل زوجها، كما أقدم شاب، في منتصف شهر أغسطس من العام 2021 م، على ضرب والدته حتى الموت، بحسب المحامية رغدة المقطري.
وفي ديسمبر من العام 2014 م، أقدم رجل على تعذيب ابنته القاصر أمام الكاميرا، وقتلها رميًا بالرصاص، تحت مسمى "غسل العار"، وبحسب الحركة النسوية التي أطلقت في العام 2018 م، ما يزال الأب قابع في السجن، والقضاء يماطل في الحكم.
قوانين!!
وقالت المقطري: "يظل العقل الذكوري عائقًا أمام وصول النساء إلى مراكز التبليغ، كما أن مراكز الشرطة غير مؤهلة لاستقبال النساء، وكذلك عقال الحارات.. من حق الأب أو الأخ أو الزوج، أيضًا، تأديب المرأة؛ حيث يعتبر ذلك شانًا خاصًا بالأسرة مهما كان العنف الذي تتعرض له".
وتضيف: "هناك قوانين أقل مراعاة لحقوق المرأة؛ تفسر بأحقية استخدام الأب والأخ لسلطة التأديب، وبالنسبة للضرب الذي تتعرض له النساء من قبل أزواجهن؛ فيتم تبريره، لا تجريمه"، مطالبة بنصوص قانونية صريحة تنص على تجريم العنف ضد المرأة.
وصمة
عدم توفر بيانات موثوقة يؤدي إلى صعوبة تناول القضية، وبحسب تقرير البنك الدولي، فإن أحدث بيانات وطنية متوفرة تعود إلى مسح أجري في العام 2003 م، والذي شمل 13000 أسرة، وبحسب هذا المسح، تعرضت 5% من النساء المتزوجات، ما بين 15- 49 عامًا، للضرب خلال آخر سنتين سبقتا المسح؛ حيث تجاوزت حالات الضرب، من قبل الزوج، أكثر من النصف، وادعى 21.5% من هؤلاء النساء أنهن تعرضن للضرب بدون سبب، بينما أشارت 10% منهن إلى العصيان؛ كسبب للضرب.
180 امرأة معنّفة
ويقدم اتحاد نساء اليمن العون القانوني والدعم النفسي للنساء المعنّفات في جميع مديريات تعز، وبحسب مشرفة مشروع مناهضة العنف في الاتحاد، كريمة صالح، فقد بلغ عدد النساء المعنفات اللواتي استقبلهن الاتحاد (180) امرأة، منذ شهر أكتوبر حتى مطلع شهر ديسمبر، على مستوى أربع مديريات في مدينة تعز.
وقالت كريمة صالح: "زاد العنف ضد المرأة، بشكل كبير، أثناء فترة الحرب؛ لذا فإننا نعمل في هذه الفترة، من خلال مشروع مناهضة العنف في الاتحاد؛ لدعم أي امرأة تتعرض لأي نوع من أنواع العنف، كما نقدم التأهيل والتدريب للنساء المعنّفات".
ويتزامن اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة مع تدشين حملة "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة"، 25 نوفمبر - 10 ديسمبر، وهي حملة مدتها 16 يومًا من النشاط، وهدفها القضاء على العنف ضد المرأة، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للمرأة، فان واحدة من ثلاث نساء وفتيات يتعرضن للعنف الجسدي والجنسي خلال حياتهن، وفي أغلب الأحيان من الشريك.
دُفنت قبول بجراحها، وبقيت قضيتها شاهدة على العنف والتعذيب الذي تتعرض له النساء في اليمن؛ فهل سينصفها القانون الذي لجأت اليه؟!
نشرت هذه المادة في منصة هودج على الرابط التالي:http://hodaj.net/posts/stgth-qbwl-hl-stwqf-laanf-dd-lns