بلقيس
صحة المرأة والمشاريع الناشئة إلكترونيًا
تعددت المشاريع المبتكرة في زمن الحرب وجائحة كورونا، فقد زادت هذه الأزمات من عزيمة مبتكري المشاريع، ليجعلوا من معاناتهم سبيلًا قابلًا للعيش وفق الحياة المتطورة بالأساليب التكنولوجية المتاحة للجميع.
بدايات جائحة كورونا شعر الناس بالقلق والتوتر، لم تستوعب الشعوب فكرة الجلوس في المنازل، والحياة عبر الأون لاين (الإنترنت)، لكن، في الوقت ذاته، سبب الحجر الصحي زيادة أوزان لبعض السيدات، بخاصة اللواتي كنَّ يحافظن على صحة أجسامهن طوال الفترة الماضية.
ومن خلال التجارب، وحديث النساء بحماس عن أحد الأندية الرياضية -عن بعد- وما حققنه من خلال تجاربهن، بدأت كل واحدة منهن بإخبار صديقاتها ومن حولها عن هذه التجارب، بعد أن شعرن بالقلق؛ نتيجة لزيادة السمنة، فكان النادي “عبر الإنترنت” الملاذ الآمن لهن، لاسيما بعد إغلاق الكثير من المرافق الصحية والنوادي الرياضية الخاصة بالنساء في اليمن، رغم قلتها.
وتتحدث مؤسِّسة مشروع “Lady Fitness لياقة سيدة”، الدكتورة مروة حمود المجيدي، عن بداية مشروعها، قائلة: “في نهاية 2018 غادرت اليمن إلى ماليزيا، وحينها توقفت عن العمل لفترات طويلة، ما اضطرني للجلوس داخل المنزل، وهذا بدوره زاد من وزني، وتسبب لي بقلق كبير، وكان لا بد لي من إيجاد حل، حاولت جاهدة البحث عن نادٍ صحي، ولم أجد”.
بدايات المشوار فكرة
اضطرت الجنيدي، وهي متخصصة في طب الأسنان، وبعد خيبة الأمل بالحصول على نادٍ رياضي صحي، أن تنشئ ناديًا للياقة المرأة والتخفيف من وزنها وتحسين حالتها النفسية، وتضيف في حديثها لـ”المشاهد”: “فكرت حينها ماذا لو أنشأت ناديًا، ووضعت فيه كل احتياجات المرأة من ناحية الصحة واللياقة وتعديل المزاج واستقرار نفسيتها”.
وتشير إلى أن الفكرة طرأت لديها فجأة، وبحثت في مواقع التواصل عن أخصائية صحة، وشرحت لها ما تريد تحقيقه والوصول إليه. وبدأت مشوارها الصحي والرياضي مع المتخصصة، حتى استطاعت التخفيف من وزنها الزائد، إذ كان الدافع الأبرز لفتح مشروعها الذي يصل لفتيات كثيرات في الوطن العربي، وليس للفتيات اليمنيات فقط.
لياقة سيدة
المشروع عبارة عن نادٍ صحي ورياضي خاص بالفتيات “أونلاين”، أي عبر الإنترنت، بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي: “واتساب”، و”فيسبوك”.
يقوم هذا النادي على تحديد نظام صحي لكل سيدة تشترك فيه بحسب ما يتواءم مع وضعها الصحي، وفق اختبارات وأسئلة خاصة بوضعها الصحي قبل تخصيص النظام المناسب لها (سواء للتنحيف أو السمنة، أو لأخذ نظام صحي متوازن )، ومن خلال باقات معينة يتم متابعة كل حالة بشكل دوري ومنتظم.
ويتكون النادي من فريق نسائي متخصص بالصحة، تشرف عليه أخصائية تغذية تعمل على تحديد النظام الغذائي المتكامل وفق آليات صحية محددة يتم التعرف عليها من قبل كل سيدة مشتركة بحسب ما يتلاءم مع وضعها الصحي، كذلك أخصائية رياضية تعتمد على تمارين الشد والضغط والنحت، ودورات علاجية بما تحتاجه كل مشتركة ويتواءم مع وضعها الجسدي، وأيضًا أخصائية تحفيز، وأخصائية نفسية لدعم النساء المشتركات وتحسين المزاج العام لدى النساء في حال واجهن إحباطًا معينًا، بالإضافة لأخصائيات عناية بالبشرة والشعر والجسم بشكل عام.
التعلم من التجارب
عن تجربتها السابقة تتحدث غدير أحمد لـ”المشاهد” بأنها جربت العديد من الأنظمة الغذائية في اليمن، إذ كانت تعاني من بعض الاختيارات المطروحة في النظام الغذائي، والتي ليس لها بديل، وعادة ما تكون باهظة الثمن وغير متوفرة بسهولة، كما تقول.
إقرأ أيضاً صحفيون يمنيون يُدفنون قبل كشف الحقيقة
وبحسب غدير، فإن تجربتها في نادي “لياقة سيدة” عبر الإنترنت، اختلفت تمامًا عن التجارب السابقة، وتضيف: “كنت أتوقع الفشل مسبقًا ككل مرة أحاول فيها تطبيق نظام صحي كي يزداد وزني قليلًا، ولكني تفاجأت فعلًا، وخلال أيام قليلة من اشتراكي في النادي بدأت ألتزم بالنظام الخاص بي، وازداد وزني قليلًا. هذا مثل لي نجاحًا في إطار هذه التجربة”.
من جهتها، تروي غصون محمود، وهي فتاة سورية، تجربتها لـ”المشاهد”: “أنا مبسوطة جدًا من التغييرات اللي صارت لي خلال اشتراكي بالنادي، لم أتوقع أن أصل للوزن الذي كنت أريده”، مؤكدة أنها وصلت بعد هذه التجربة لهدفها، وتغيرت نفسيتها للأفضل.
آراء وتقارير
بحسب صندوق الأمم المتحده للسكان “الاستجابة الإنسانية للصندوق في اليمن”، تؤثر التغطية الضعيفة للخدمات الصحية في اليمن ونقص الموظفين المتخصصين ونقص الإمدادات الطبية الأساسية ونقص الطبيبات، إذ أصبحت اليمن تعاني من أعلى معدل لوفيات الأمهات في المنطقة العربية، وقد تم وضعها ضمن البلدان عالية التأهب لوفيات الأمهات في مؤشر الدول الهشة، إذ تموت امرأة يمنية كل ساعتين أثناء الولادة لأسباب يمكن الوقاية منها بشكل شبه كامل.
وتموت 10 أمهات يوميًا بمضاعفات الحمل والولادة خلال السنوات الأربع السابقة، إذ يرتفع مؤشر نسبة وفيات الأمهات بشكل كبير من 148 وفاة لكل 100 ألف ولادة حية عام 2013، إلى 235 حالة وفاة لكل 100 ألف عام 2017، وإلى أكثر من 500 حالة ما بين عامي 2019 و2020.
وتشير وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية في اليمن، إلى أن تدمير أو إغلاق المرافق الصحية وتناقص العاملين في المجال الطبي خاصة من النساء، أدى إلى معاناة حوالي 9.9 مليون من النساء والفتيات في الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، والتي تعتبر من أكثر الفئات السكانية المتضررة، إذ تشمل الفئات الضعيفة الأسر التي تعولها نساء، والنساء الحوامل والمرضعات، بالإضافة إلى الأسر الأكثر فقرًا، والأطفال دون الخامسة من العمر، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمصابين بأمراض مزمنة أو خطيرة، والناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وتحتاج ما يقارب 5 ملايين امرأة في اليمن إلى المساعدة الصحية.
في السياق، تقول رئيسة منظمة مدرسة السلام وعضو التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام، لمياء يحيى الإرياني، لـ”المشاهد”: “نحن لاحظنا خلال فترة الحرب أن الشابات والفتيات اليمنيات أبدعن في عمل المشاريع الصغيرة، على أيديهن تحرك الاقتصاد بمشاريع مختلفة ومتنوعة، وحققن من خلال هذه المشاريع نجاحات كبيرة، ومثل هذه النشاطات مُدرة للدخل، وتنعش الاقتصاد على مستوى الأسر والعائلات، والحقيقة أن رائدات الأعمال الفتيات برزن بشكل كبير عن الشباب من ناحية المشاريع النوعية والصناعات المستحدثة”.