​​​​​​

من نهب أراضي عــــدن؟!

خليج عدن/ متابعات

كشفت دراسة د . فضل عبدالله الربيعي رئيس مركز مدارات للبحوث عن عملية سطو ونهب منظم طال عدد كبير من عقارات وأراضي الدولة والأملاك الخاصة في عدن عقب حرب 94م، حيث حصل الشماليون على الامتيازات في الجنوب بيسر على الأراضي وحرم منها الجنوبيون، فيما يلي تنشر عدن تايم مقتطفات من الدراسة. 


تفاقم مشكلة الاراضي بعد حرب 94م :

منذ انتهاء الحرب في 7/7/ 1994م ، ودخول قوات نظام صنعاء الجنوب بداء عهد جديد من انتهاكات لحقوق الانسان لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، إذ تعرضت جميع قطاعات المجتمع في الجنوب للانتهاكات المستمرة ، وأضّرت كثيراً بحقوق الجنوبيين وحياتهم , على الرغم من الشكاوى والمطالب المستمرة التي قوبلت بتجاهل تام من النظام الذي أمعن في إذلالهم وعسكرة الحياة المدنية وتحويل أراضي الجنوب وثرواته الطبيعية إلى ملكية خاصة وعطايا وهبات تُصرف لغيرهم بتوجيهات من رموز النظام في صنعاء .
وكرّس في الواقع التمييز بين المواطنين، الأمر الذي ولّد استياءً عاماً في الجنوب لاسيما عندما كان يحصل الشماليون على الامتيازات في الجنوب بيسر كالحصول على الأراضي والتعيينات القيادية والتوظيف ، في الوقت الذي يُحرم منها الجنوبيون ،وأصبحت مشكلة الاراضي هي المشكلة التي تهدد السلم الاجتماعي وخلقة التمايز المجتمعي ، بسبب ما رافقها من تمايز واضح بين المنتصر في الحرب والمهزوم فيها ، وارتبطت مسألة صرف الاراضي أو سحبها من السابقين ضمن توجه العمل السياسي للنظام .
فقد تم التعامل مع الأراضي بصورة همجية وعبثية في الصرف أو البسط على كثير من الممتلكات العامة والخاصة ، وتم تغيير كثير من المخططات الحضرية السابقة والتصرف بالمساحات المخصصة للخدمات والمساحات الخضراء وتقليص مساحات القطع المصروفة للمواطنين من سابق ، ولا سيما الاراضي التي وزعت على أفراد القوات المسلحة والأمن بهدف توفر مساحات إضافية يتصرف بها المسولين الجدد المعينين في عقارات الدولة بعد الحرب.
يذكر بان الأوقاف قد دخلت كطرف رئيس في صرف الأراضي وأقدمت على تخطيط عدد من المناطق البيضاء والمساحات المجاورة للمساجد والمقابر والاولياء وغيرها التي أدّعت بأنها اراضي تابعة للأوقاف مستخدمة بعض الحجج والمؤشرات التي تبرر فيها ذلك الاستحواذ على الارض والتصرف بها ، وفقاً للأسلوب المتبع في الشمال ، مستغلين عدم وجود نظام في صرف اراضي الاوقاف في الجنوب، وكل ذلك يهدف إلى التصرف بتلك الاراضي بعيداً عن بعض التعقيدات الروتينية المتبعة في مصلحة العقارات المألوفة من سابق في الجنوب، لان نظام صرف الاراضي من قبل الاوقاف هو نظام جديد في الجنوب ، وبهذا تمكنت فئة محدودة من خارج محافظات الجنوب من التصرف بتلك العقارات وفقاً للمنهج والطريقة المتبعة والمعتادين عليها في محافظات ومناطق الشمال ، حيث قامت الاوقاف بتخطيط وصرف الاراضي دون مراعاة نظم ومعايير التخطيط الحضري وقواعد الصرف ، ولعب الفساد الدور الرئيس في التصرف بهذه الأراضي . 
يذكر أن المنطقة الحرة هي الأخرى التي أقدمت على اقتطاع أراضي واسعة واحتسبتها ضمن أملاكها وأقدمت على صرفها للمستثمرين ومنعت جهات عديدة من السماح لها بالعمل في الأراضي التي تم صرفها لهم في فترات سابقة ، اذ اقدمت على الغاء عدد من العقود السابقة ، وإعادة التصرف بتلك الأراضي ، الأمر الذي أدى إلى ظهور النزاعات في حالات عديدة بين المنطقة وأطراف أخرى على الأراضي ، إعاقة قيام مشاريع التنمية الاستثمارية. 
بعد حرب 1994م ، حيث تم السطو والسيطرة على ممتلكات الدولة العقارية ومساحات واسعة من الأراضي في الجنوب من قبل المتنفذين في نظام صنعاء ومافيا الاراضي ، وظهور التمييز بين الجنوبيين والشماليين في هذا الخصوص فكان يحصل الشماليين على الاراضي بيسر ، تفتح لهم ابواب الاسكان ومكاتب عقارات واراضي الدولة ، بينما الجنوبيون يقبعون اشهر في طوابير انتظار مراجعة تلك الجهات دون جدوى .
واتجه النافذين إلى استخدم عدد من الأساليب للسيطرة على الاراضي الشاسعة والعقارات التي كانت تتبع الدولة الجنوبية ، واستخدموا عدد من الذرائع مثل الدفع بعدد من مدعي الملكيات للأراضي بالمطالبة باستعادة ما امُم عليهم في زمن الحكم السابق، وأقدمت بعض المحاكم على اصدار احكام للمتقدمين بهذه الطلبات بهدف السمسرة والاتجار بالأراضي وليس بهدف استعادة الحق كما تدّعي ، وكان ذلك يتم بإيعاز من قبل نافذين يتولون متابعة استخراج الأرض والاستيلاء عليها مقابل دفع مبالغ مالية زهيدة تعطى للمدعيين بالملكية من السكان المحليين ، ومن امثلت ذلك هو ما حصل في أراضي المصاعبة في عدن أو الاراضي التي بنية عليها بعض المشاريع الاستثمارية كمشروع المدينة الخضراء الواقعة بين لحج وعدن وغيرها . 
وقد أدت هذه الأوضاع التي تداخلت فيها جهات الصرف والادعاءات بالملكية والتزوير، إلى تراكم هذه المشكلات ولم يتم حسمها ، رغم أن البعض قد نبه إلى تفاقم تلك المشكلة التي اعتبروها قنبلة موقوتة ، الا انه مع الاسف لم تولى الدولة أي اهتمام يذكر لتلك الآراء والأصوات التي نبهت إلى خطورة هذه المشكلة من وقت مبكر . 
لقد أدت التغييرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي حدثت خلال السنوات الماضية إلى تراكم عدد من المشاكل الاجتماعية وأولها قضية الأراضي خصوصا في المناطق الساحلية التي تتواجد فيها المساحات الفارغة غير المستخدمة كمحافظة عدن وبقية محافظات الجنوب ، وتسبب هذا الوضع في تهميش من هم أقل الناس استعداداً لمواجهة هذه التغيرات ، كما أنعكس ذلك على وجود مشكلات أخرى كتزايد العشوائيات في المناطق الحضرية، كما هو الحال ملحوظ في محافظة عدن التي فتك بها البناء العشوائي وتسبب في تشويه جمال المدينة وأعاق عملية التخطيط والتنمية الحضرية فيها ، هذا من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى ، ظهرت العديد من النزاعات بين عدد من الأطراف على الأراضي ، كما برزت فئة تختص في السمسرة بالأراضي اثرة ثراءً فاحشاً وتسببت في خلق عدد من المشاكل والصدامات المسلحة بين الناس . 
وأستغل بعض النافذين مواقعهم الوظيفية للاستحواذ على الأراضي والمتاجرة بها ،الأمر الذي أثر سلبا على عدم حصول الغالبية من البسطاء وموظفي الدولة على الأراضي لبناء المساكن الشخصية ، وقد تحول كثيراً من النافذين ومسولي الدولة إلى تجار عقارات قاموا في بيع عشرات القطع على المغتربين وغيرهم من اصحاب رؤوس الاموال بعشرات الملايين .
ومُورس في الواقع عملاً غير مسؤولا في تخطيط وصرف الأراضي الذي شوهت جمال المدن وطال هذا العبث معالم المدن وآثارها وخصائصها البيئية ، وهدر المال العام وتبديد هذه الثروة.


فاتورة نهب

1. البسط والسيطرة على الأملاك العامة والخاصة من أراضي ، وعقارات تابعة لمؤسسات ودوائر حكومية مختلفة كانت تابعة لدولة الجنوب السابقة، وتم صرف وثائق تمليك بها لقيادات عسكرية وأمنية وقبلية ومتنفذين بأساليب وطرائق مختلفة ، في الوقت الذي تم حرمان الكثير من الجنوبيين من الحصول على الأراضي بعد حرب 1994م .
2. نهب أراضي وممتلكات عدد كبير من الجنوبيين لا سيماء من الذين حسبوا على الطرف المهزوم في الحرب وعلى القيادات الجنوبية السابقة . حيث تم الاستيلاء على 5112 أرضية في مخطط الاراضي المصروفة للعسكريين في كل من بير فضل والممداره على سبيل المثال لا الحصر.
3. تم اعتماد نظام تمليك الأراضي في الجنوب على أبناء الشمال في الغالب والذين كانوا يحصلون عليها كهبات بتوجيهات فوقية ، بينما سرى نظام التأجير على أبناء الجنوب.
4. تم الاستيلاء على الأراضي الشاسعة عبر التزوير أو الدفع بالبعض بادعاءات ملكية الأرض بحيث يتولى المتنفذون متابعة ذلك، ومن ثم الاستحواذ على اجزاء كبيرة منها مقابل استخراجها ،أو دفع ثمن بخس لما يسمى بالملاك كقيمة للأرض ، ومن أمثلة ذلك تلك الأراضي الشاسعة التي ادّعى ملكيتها المصاعبة في دار سعد بمحافظة عدن والمحددة بعشرة بلوكات بهدف بيعها بثمن بخس لأحد الشخصيات النافذة، أو أراضي كالتكس (المنطقة الحرة) التي استولت عليها شركة المنقذ وهي شركة وهمية تتبع احد شيوخ حاشد إذ إدّعت هذه الشركة ملكيتها لمساحات شاسعة من الأراضي تقدر بنحو (1,260,000 متر مربع) في منطقة كالتكس بمحافظة عدن. ورفض هذا الإدّعاء بحكم من محكمة عدن . 
5. الاستيلاء على أراضي الجمعيات والتعاونيات الزراعية، فقد تم الاستيلاء على 35 جمعية زراعية تضم خمسة وثلاثين ألف عضو من الموظفين في أجهزة الدولة من العسكريين والمدنيين والمواطنين, الذين حازوا عليها بموجب وثائق شرعية وقانونية، إذ أقدم بعض المسؤولين في الدولة على دفع البعض بادعاءات ملكية تلك الاراضي ، وتعميد وثائق البيع والشراء غير المشروعة لهذه الأراضي، وتشير الإحصائيات إلى أنه تم نهب مئة وعشرين ألف فدّان ، يكفي هنا أن نذكر بعض الأمثلة إذ أن أحد المتنفذين استولى على أرض بمساحة خمسة ألف فدّان في المنطقة الواقعة بين عدن ولحج ، وهناك حالات كثيرة مثل ذلك.
6. الاستيلاء على بعض المخططات المصروفة من سابق لا فراد الجيش أو الامن مثل مخطط ضباط الشرطة منطقة النصر عدن مثلا ًوتوزيعه على قيادات أمنية بعد الحرب يشمل ما يقارب 148 قطعة . 
7. تحويل مقرات عدد من مؤسسات دولة الجنوب إلى املاك خاصة للبعض بعد نهب مقوماتها المادية وتقاسمها غنائم حرب بين أمراء الحرب من الأسرة الحاكمة وكبار المشايخ والعسكريين والمجاهدين وبعض التجار الداعمين والممولين للحرب ، وحرمان العمال الذين قضوا أعمارهم في بنائها والحفاظ عليها، الامر الذي ولدّ الاستياء والإحباط لدى هؤلاء العمال واغلبهم لا يمتلكون مساكن لعائلاتهم . إذ بلغ عدد المصانع والمؤسسات التي تم تصفيتها مائة وثلاثين مؤسسة صناعية وتجارية وخدمية، منها 30 مصنعاً ، وثمانية وعشرين مؤسسة خدمية وإنتاجية مركزية، وفروعها المنتشرة في جميع المحافظات الجنوبية ، انظر الجداول 1-3 المرفقة.
8. بيع بعض المؤسسات الإنتاجية تحت مسمّى الخصخصة التي اقتصرت على المؤسسات الصناعية والخدمية في الجنوب التابعة للدولة، حيث تم بيعها بأثمان بخسة لقاء مصالح متنفذين في النظام. 
9. تم الاستيلاء على الأراضي المخصصة لأسر الشهداء في منطقة بير فضل والتي بلغت 4178 قطعة أرض . 
10. تم اقتحام ما يقارب 1357 مسكن والاستيلاء عليها بعد الحرب في مواقع مختلفة في محافظة عدن مثل مساكن القاعدة الادارية بخور مكسر ومساكن الصولبان ومساكن في الممداره ووديع حداد وبير ناصر وحي معاشيق والقرية الروسية في خور مكسر .
11. تم سحب الاراضي من 105 مستثمر جنوبي والاستيلاء عليها بالقوة والتي تبلغ مساحتها 43843145 متر مربع صرفت اجزاء كبيرة منها للمتنفذين . 
12. استبدال المخططات الحضرية وتعديلها بمزاجية دون مراعاة أسس وقواعد التخطيط الحضري كما حصل في مخططات لحج . حيث تم الغاء المساحات الفارغة والمساحات المخصصة للخدمات وتوزيعها قطع اراضي ، وتقليص قطع اراضي من اجل إضافة اراضي جديدة في مخططات الجيش. 
13. هناك مثلاً 15 شخص من المتنفذين الشماليين استولوا على مساحات واسعة في محافظة لحج تقدر ما يعادل 24% من مساحة محافظة عدن .
كما تم اقتحام 1357منزل خاص، وصرف 105 موقع استثماري، بالاضافة الى نهب 5260 قطعة من اراضي مخططات العسكريين عدن، و 4178 قطعة من اراضي الشهداء.

 

عدن تايم